لندن: «الشرق الأوسط» رغم الجدل الدائر حول سلامة السجائر الإلكترونية من الأخطار والتساؤل حول تأثيرها على الأطفال والمراهقين، فهذا النوع من التدخين «الخالي من الأضرار» كما يعلن عنه قد انتشر بشكل واسع جدا. وينتشر بين المدخنين الذين يريدون التوقف عن تدخين السجائر التقليدية وأيضا بين من يروق لهم تقليد بعض نجوم السينما أمثال ليوناردو ديكابريو ومايكل دوغلاس وجوني ديب. وقد أصبحت السجائر الإلكترونية صناعة رابحة ورائجة جدا إذ ثمنت مبيعاتها بمليار دولار في السنة وتصاعدت مبيعاتها في المحال التجارية إلى 700 مليون دولار وعلى مواقع الإنترنت وصلت إلى 500 مليون دولار حسب تقرير نشرته «رويترز» نقلا عن شركة «في 2» للسجائر الإلكترونية الشهر الماضي. وأشار التقرير إلى توقعات بزيادة الارتفاع في المبيعات بنهاية عام 2013 لتصل إلى 1.7 مليار دولار بواقع زيادة قدرها 240 في المائة. ويتوقع التقرير أن يتجاوز استهلاك السجائر الإلكترونية استهلاك السجائر التقليدية في غضون عشرة أعوام. وتعتبر شركة «في 2» أكبر متجر إلكتروني للسجائر الإلكترونية في أميركا وثالث شركة لهذا النوع من السجائر على مستوى العالم وتقدر زبائنها بمليون مشتر على مستوى العالم. ومن المتوقع أن يصل نصيب الشركة في المستقبل القريب إلى 20 في المائة من حجم السوق على الإنترنت. وعلى الرغم من أن استخدام السجائر الإلكترونية ونفث الدخان البارد في تزايد، خاصة في ظل حملات مشددة ضد تدخين السجائر التقليدية والتوعية الصحية بأضرارها، ولكن مع زيادة العدد فإن المدخنين لهذا النوع لا يلقون الكثير من الترحيب بوجودهم في الأماكن المغلقة تحت ظل قوانين تمنع التدخين داخل المباني وتجمع بذلك بين المدخنين التقليديين ومدخني السجائر الإلكترونية. ومن المعروف أيضا أن شركات الطيران تتعامل مع السجائر الإلكترونية بنفس آلية التعامل مع السجائر التقليدية. الجديد أن مطار هيثرو بلندن أعلن مؤخرا أنه قد تم تخصيص مساحة للمدخنين الإلكترونيين ليصبح أول مطار في العالم يخصص مساحة لمدخني السجائر الإلكترونية. وذكرت محطة «بي بي سي» أن شركة «غاموتشي» للسجائر الإلكترونية حصلت على حق تخصيص مساحة للمدخنين «الإلكترونيين» داخل المطار. الغريب في الأمر أن التدخين الإلكتروني غير محظور قانونا داخل الأماكن المغلقة في بريطانيا ومع ذلك فهو ممنوع في أكثر تلك الأماكن وفي المطاعم والمقاهي أيضا. والمعروف أن فرنسا تدرس حظر تدخين السجائر الإلكترونية داخل الأماكن المغلقة كذلك تفعل مدينة نيويورك التي لها السبق في منع تدخين السجائر التقليدية في الأماكن المغلقة. وحسب ما نشر موقع محطة «سي بي إس» فستقوم اللجنة الصحية بمجلس مدينة نيويورك بالنظر في منعها في الرابع من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، ويضم ذلك القرار ما يطلق عليه «الشيشة الإلكترونية» و«السيجار الإلكتروني». ويتبنى إصدار تشريع يحظر التدخين الإلكتروني في نيويورك عضوا المجلس كريسين كوين وجيمس غينارو معللين ذلك بأن السماح بتدخين السجائر إلكترونية إنما يهدد «المنع الفعال» للسجائر التقليدية. وحسب تصريح مشترك للعضوين فإن السماح للمدخنين باستخدام السجائر الإلكترونية داخل الأماكن المغلقة يعتبر مخرجا سهلا لهم للحصول على نسبة النيكوتين التي اعتادوا عليها، كما أن السماح بها في الوقت الذي تمنع فيه الأخرى التقليدية يبعث برسالة خاطئة خاصة للأطفال مفادها أن التدخين أمر آمن. وفي هولندا حذرت وزارة الصحة أمس من الأخطار الصحية المتوقعة للسجائر الإلكترونية اعتمادا على نتائج دراسة للمعهد القومي للصحة العامة التي تناولت مخاوف العلماء من عدم وجود دليل على التأثيرات الصحية للسجائر الإلكترونية وأضافت أنها غير مناسبة للنساء الحوامل أو بالقرب من الأطفال. وقال نائب وزير الصحة الهولندي مارتين فان راين إن مستخدمي السجائر الإلكترونية قد يدمنونها بنفس درجة التقليدية منها وأضاف أنه لا يوجد حتى الآن ما يفيد أنها تساعد المدخنين على الإقلاع. وأضاف أن المعهد سيقوم بإجراء المزيد من الدراسات حول الأمر. وإن كانت بعض الدول مثل البرازيل والنرويج وسنغافورة قد منعت السجائر الإلكترونية فإن الدول الأخرى لجأت للحد من الإعلانات عنها ومنعها في الأماكن العامة. ومن المعروف أن كبرى شركات التبغ في العالم تستثمر في تصنيع السجائر الإلكترونية، وأعلنت شركة «فيليب مورس» المنتجة لسجائر مارلبورو مؤخرا أنها ستدخل سوق السجائر الإلكترونية العام المقبل بسبب «فرصتها الكبيرة للنمو». كما تنوي مجموعة «إمبريال توباكو غروب» إطلاق سيجارتين إلكترونيتين العام المقبل. والسيجارة الإلكترونية عبارة عن جهاز إلكتروني يعمل بالبطارية ليوفر جرعات مستنشقة من النيكوتين بتوصيل بخار سائل النيكوتين، ولكن من دون الـ4800 عنصر من الكيماويات الداخلة في صناعة السيجارة التقليدية ومنها: التبغ والدخان والقطران وأول أكسيد الكربون بالإضافة إلى مواد مسرطنة. وقد استحدثت السيجارة الإلكترونية في الصين. وهي عبارة عن أسطوانة في شكل سيجارة مصنوعة من الفولاذ المقاوم للصدأ، بها خزان لاحتواء مادة النيكوتين السائل بنسب تركيز مختلفة. ومع أنها تتخذ شكل السيجارة العادية إلا أنها تحتوي على بطارية قابلة للشحن ولا يصدر عنها دخان. بل كل ما في الأمر أن البطارية تعمل على تسخين سائل النيكوتين الممزوج ببعض العطور مما يسمح بانبعاث بخار يتم استنشاقه ليخزن في الرئتين. وتقول منظمة الصحة العالمية إن المتاجرين بهذه السجائر استخدموا بعض الوسائل غير المشروعة للترويج لمنتجهم على أنه وسيلة ناجعة للإقلاع عن الإدمان على التدخين. وأوضحت منظمة الصحة العالمية أن المروجين لهذه السيجارة الإلكترونية يغالطون الناس أولا بالزعم بأنها وسيلة ناجعة للتوقف عن التدخين، وثانيا لإساءة استعمال شعار منظمة الصحة العالمية. وأضافت أنه من الخطأ اعتبارها وسيلة ناجعة للتوقف عن التدخين، لأنه لم يتم القيام بأي اختبارات علمية لإثبات نجاعتها. إلا أن منظمة الصحة العالمية لا تستبعد، في بيانها، أن تكون السيجارة الإلكترونية وسيلة من الوسائل المساعدة على التوقف عن التدخين. ولإثبات ذلك يتطلب الأمر إجراء التجارب الضرورية لمعرفة المخاطر والتأكد علميا من خلوها من تأثيرات جانبية مضرة بصحة الإنسان. وتشير الكثير من الهيئات الصحية التي تعمل في مجال مكافحة التدخين إلى أن السيجارة الإلكترونية تبدد جهود أعوام من حملات منع التدخين، وقد تكون مضرة للأطفال ولغير المدخنين. كما أن السيجارة الإلكترونية تغري الشباب وتجعلهم يقبلون على التدخين. إلا أن صانعي السجائر الإلكترونية يوضحون أنها قادرة على حماية ملايين الأرواح، ولا ينبغي منعها لأنها تقلل الأمراض المتعلقة بالتدخين. ويأتي مقترح منع السيجارة الإلكترونية ضمن جملة من الإجراءات ينظر فيها الاتحاد الأوروبي خلال فحص مشروع قانون عن التبغ، الذي قد يصبح ساريا في 2014. وتجدر الإشارة إلى أن 700 ألف شخص يموتون سنويا في دول الاتحاد الأوروبي بأمراض متعلقة بالتدخين، كما تقدر تكاليف الرعاية الصحية في الاتحاد الأوروبي بنحو 25 مليار يورو سنويا. غير أن دراسة قدمتها الجمعية الأوروبية لأمراض الجهاز التنفسي أظهرت أن السيجارة الإلكترونية أثبتت فعالية في زيادة معدلات الإقلاع عن التدخين بنفس ما تحدثه اللصقات الطبية المخصصة لنفس الغرض. وأبرزت نتائج الدراسة، التي قدمت للجمعية الأوروبية لأمراض الجهاز التنفسي، أن عدد حالات الإقلاع عن التدخين بفضل استخدام السيجارة الإلكترونية يعادل عدد الحالات الناتجة عن استخدام اللصقات. كما ساعدت السجائر الإلكترونية عددا أكبر على تقليل التدخين. وبالإضافة إلى ما توفره السيجارة الإلكترونية من إحساس مماثل بمادة النيكوتين، فهي تحاكي نفس الإحساس بالتدخين، وهو ما يعزز التوقعات بأن تصبح أداة نافعة تساعد المدخنين على الإقلاع عن التدخين. وأجرى فريق من جامعة أوكلاند في نيوزيلندا أول تجارب طبية للجهاز مقارنة باللصقات شملت 657 شخصا وأظهرت نتائج الدراسة، التي نشرتها دورية «لانسيت»، أن 7.3 في المائة من مستخدمي السيجارة الإلكترونية أقلعوا عن التدخين بعد ستة أشهر مقارنة بنسبة 5.8 في المائة حال استخدام اللصقات. * حقائق وأرقام: * يتوقع زيادة الارتفاع في المبيعات بنهاية عام 2013 لتصل إلى 1.7 مليار دولار بواقع زيادة قدرها 240 في المائة. * يتوقع التقرير أن يتجاوز استهلاك السجائر الإلكترونية استهلاك السجائر التقليدية في غضون عشرة أعوام. * أعلنت شركة «فيليب مورس» المنتجة لسجائر مارلبورو مؤخرا أنها ستدخل سوق السجائر الإلكترونية العام المقبل. * مطار هيثرو الأول في العالم في إقامة ركن للمدخنين الإلكترونيين.