ان الانتماء من القيم النبيلة التي يتمتع بها البشر في حياتهم، وهو تأصيل للفطرة التي أودعها الله تعالى في نفوسهم، فكما يحن الولد إلى دفء أبيه وحنان أمه يحن إلى أرضه ويعشق وطنه ويتوسد التربة التي عاش وترعرع عليها طوال سنين حياته، كون الانتماء طبيعة تلازم الإنسان ضمن محيطه الاجتماعي والإنساني، فالإنسان بطبعه له ميول ورغبات يجد فيها راحته ومنفعته وحاجته، سواء أكانت نفسية أو روحية أو فكرية أو عقائدية، سنجد ذلك في كل فرد يرتبط بمجتمعه ارتباطا وثيقا أو مع جماعته أو عائلته وأصدقائه. فثقافة الانتماء ينبغي أن تعطى مساحة كافية واهتماما كبيرا لاشاعتها بين المواطنين، وتؤصل ضمن المفهوم الوطني للمواطنة، وتكون ملازمة لنا في تعاملنا وتتجلى كطبيعة في داخل كل فرد، وتتحول إلى سلوك حقيقي ينبع من حقيقة الفهم للوعي المجتمعي، فهي أسلوب حياة ومنهج في التعامل. والانتماء الوطني ليست كلمة تقال في محاضرة لشرح معناها أو صداها، كما نعلم أن ثقافة الانتماء الوطني تأتي ببساطة جدا من خلال ارتباط المواطن بوطنه عن طريق جميع ما ذكرناه آنفاً، وهذا الارتباط والحب والعطاء لا نعلمه أو نشعر به إلا عند المواقف، ومهما حاول البعض تدريسنا الانتماء للوطن فإن الكتب تعجز عن غرسه، وما يغرسه هو الولاء المولود فينا منذ الصغر. لذا يجب علينا إدانة الأعمال الإجرامية من قبل جميع فئات الشعب وبخاصة دعاة وخطباء المنابر، ورفض الإرهاب وإدانته أصبح واجباً وطنياً يحتمه الشرع والعرف والانتماء للوطن، فالمؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضاً، وأن السكوت وعدم الإنكار على تلك الأفعال الإجرامية يعد تغطية لأعمالهم الإرهابية المستنكرة، ومن لا يدين الإرهاب بشكل واضح وصريح ودون مواربة يتحمل مسؤولية وتبعات ذلك، فلا منطقة وسطى في ذلك إما أن نكون مع أمن الوطن وسيادته أو ضده. لكن السؤال الذي يطرح نفسه ما هو سبب ضعف الانتماء الوطني وبروز التعصب الطائفي، هل هو نقص في القيم أم الوعي والتربية، أم أن اختراق المجتمع من قبل دعاة التنظير الديني المتطرف هم من خلق تلك الأزمة، والذين أكدوا أن الوطنية والانتماء للوطن تهمة لا تليق بمن يريد خير لهذا الوطن، أم غياب المشاركة الوطنية في القضايا المحلية الاقتصادية والسياسية والأمنية للحفاظ على مكتسبات الوطن، حيث ان تبني المصداقية والشفافية يقضي على انتشار الفساد الاداري والمالي بمختلف أشكاله، وغيابه يعد سببا للخروج عن الانتماء الوطني لنقص التفاعل مع المجتمع، ويجعل منا جميعا بعيدين عن الانتماء الوطني. ] أحمد عقاب