×
محافظة حائل

مواطن يُفاجأ بدواء منتهي الصلاحية صُرف لابنه ذي الأربعة أشهر من مركز صحيّ

صورة الخبر

ليست مزحة، تلك التي روجها الملياردير المصري نجيب ساويرس بإعلانه التفاوض لشراء جزيرتين في اليونان لإيواء اللاجئين من مناطق النزاعات العربية. فالرجل يقول إنه تواصل فعلاً مع مالكين لجزيرتين يونانيتين، بشأن شرائهما لإيواء اللاجئين، كما أنه أرسل طلبا للحكومة اليونانية للموافقة على الشراء، وهو ينتظر ردّها. اسم الجزيرة سيكون «جزيرة إيلان» حسبما صرح ساويرس، نسبة إلى الطفل الكردي السوري الذي عثر على جثته على شاطئ تركي أوائل الشهر الحالي. ها نحن إذن، أمام أرض وشعب، وبحسب «جان جاك روسو» فنحن بحاجة إلى سلطة «حكومة» وعقد اجتماعي «دستور» لتكتمل أركان الدولة، ويبقى أمامنا العلم، والنشيد الوطني، وبعض التفاصيل غير المهمة. وبالمناسبة، هذه ليست بدعة من الدول، فنصف الكرة الأرضية تَشّكلَ على هذا المنوال. المهاجرون الأوروبيون استوطنوا القارات السبع، منذ عرفوا كيف يركبون البحر ويحملون أسلحتهم. أشهر هجراتهم عبر البحر كانت لغزو العالم الجديد، حيث استوطنوا الولايات المتحدة الأميركية، وأزاحوا شعبها منذ القرن السادس عشر، وفي القرن السابع عشر، وتحديدًا في عام 1788م وصلت إلى الشواطئ الأسترالية أول سفينة بريطانية تحمل مهاجرين من نوع مختلف، فقد كانوا مجموعة كبيرة من أخطر السجناء المنفيين، الذين تعفّ بريطانيا عن احتضانهم. فيما بعد أصبحت أستراليا محطة للمستعمرين القادمين إليها من وراء البحار. بالنسبة لنيوزلندا القريبة من أستراليا، فقد وصل إليها المهاجرون الأوروبيون في القرن السادس عشر يفتشون عن الحيتان و«الفقم» حتى تمكنوا من إقامة مستوطنات انضمت تحت التاج البريطاني بعد عقود. في كندا تقاسم الفرنسيون والبريطانيون البلاد حتى لا تبتلعها الولايات المتحدة، واستقرّ الفرنسيون في «كيبك»، وأخذ البريطانيون والاسكوتلنديون الغرب المقاطعات الساحلية. وخلال الفترة بين القرن الثامن عشر والثلث الأول من القرن التاسع عشر، هاجر نحو 60 مليون أوروبي عبر البحار إلى الجزر الكبيرة والصغيرة في العالم، وكونوا بلدانًا وحضارات وثقافات متنوعة ومتماسكة وقوية وذات هيبة على مستوى العالم. وبالمناسبة الدول الجديدة التي لا تحمل تاريخًا عريقًا يضاهي روما واليونان وبريطانيا، تحمل قوة علمية وحضارية وصناعية تمتصّ القارة العجوز بأكملها. فقد تفوق الأبناء على الآباء، وصاروا منافسين أكفاء في معايير بناء الدولة الرشيدة، حيث تأتي نيوزلندا في أعلى قائمة الشفافية الدولية، وتأتي مدينة «ملبورن» الأسترالية كأفضل مدينة للعيش على مستوى العالم. ليس مقدرًا لمشروع نجيب ساويرس أن يرى النور، ليس لأنه يفتقد المنطق أو الجدية، ولكن لأن العالم الذي أدار ظهره لمعاناة الناس في الشرق الأوسط، ليس مستعدًا أن يمنحهم دولة جديدة على حدود أوروبا. بالنسبة لمعظم اللاجئين فالشواطئ الأوروبية هي محطات انتظار، وليست استقرار، فلا أحد يمكنه أن يعوض السوري عن سوريا، ولا العراقي عن العراق. مفهوم الوطني «الرومانسي» ما زال يسكن الوجدان العربي مهما تنكب الزمان، أو «تكسرت النصال على النصال».. ولذلك فجزيرة إيلان لن ترى النور.