وضع السياسي والدبلوماسي البحريني، أحمد الساعاتي، الذي عُيّن مؤخرا سفيرا مفوضا فوق العادة إلى موسكو مهمته المرتقبة في إطار فتح أبواب جديدة لدبلوماسية المملكة في العواصم الشرقية والإطلالة منها على الملفات الإقليمية، مؤكدا أن المنامة ودول الخليج لن تقبل بإيران شرطيا للمنطقة تتدفق عليه الأسلحة من الشرق والغرب وسترفض حل الملف السوري على حسابها. صفحة جديدة في العلاقات مع الشرق الساعاتي الذي يأتي تعيينه بظل احتفال البحرين بمرور 25 عاما على العلاقات الدبلوماسية مع موسكو قال إن هذه العلاقات "ممتدة منذ سنوات طويلة" مضيفا: "لدينا الآن ما لا يقل عن 500 خريج يتحدث اللغة الروسية بطلاقة وقد دشن الملك حمد بن عيسى العلاقات القوية مع روسيا عبر زيارتين قام بهما وأسس عبرهما علاقة شخصية مع الرئيس فلاديمير بوتين." وأكد الساعاتي أنه يحمل معه كسفير الملف الاقتصادي والتجاري بحكم أنه "الأرضية والدعامة لأي علاقة سياسية بالمستقبل،" مضيفا أن بين البلدين عدة اتفاقيات بالمجال العسكري والإعلامي والسياحي وكذلك بمجالات الطاقة والغاز، واصفا العلاقات بأنها "واعدة" خاصة وأن السوق الروسية مزدهرة بمجال التكنولوجيا وصناعة الطيران والخدمات الصحية والتربوية والبحرين بوابة لروسيا إلى دول مجلس التعاون الخليجي. وتابع الساعاتي بالقول: "البحرين قد تكون صغيرة بمساحتها الجغرافية أو عدد سكانها أو قوتها الاقتصادية ولكن موسكو تنظر إلى البحرين كثقلها السياسي ووجودها بهذا الموقع الاستراتيجي كمدخل للخليج وبوابة للشرق الأوسط بشكل عام وسنسعى لتدعيم هذه العلاقات وتطويرها خاصة وأننا في المنطقة العربية بمرحلة جديدة حيث نسعى لعلاقات متوازنة مع دول العالم وخاصة المنطقة الشرقية من العالم، روسيا والصين والهند وباكستان والصين واليابان." وعن دوافع التوجه شرقا وأثر ذلك على العلاقات الدولية قال الساعاتي: "بعد ما شهده العالم العربي بالأعوام الأربعة الأخيرة وما يسمى بالربيع العربي وما حدث من فوضى ودمار وجدنا أن خلفه بعض القوى الغربية صار هناك واقع مختلف بالشرق الأوسط ولا بد من إحداث توازن بالعلاقات الدولية." وكشف الساعاتي عزمه خلال عمله بروسيا على اطلاع المسؤولين على تطورات الأوضاع وخاصة ما يتعلق بـ"الدور الإيراني والتدخل في البحرين عبر تزويد عناصر متطرفة بالأسلحة وتدريبهم في مناطق بإيران والعراق وتدخل الإعلام الإيراني التحريضي ومواقف المرشد الإيراني المتكررة بالتحدث عن الملف البحريني بشكل غير مقبول". وأعرب عن أمله بأن تكون روسيا على علم بذلك بحكم علاقتها الثنائية مع طهران، مضيفا أن من يريد حماية مصالحه التجاري فعليه "دعم الشرعية ومواقفها في البحرين." القلق من تمدد إيران أما العامل الثاني، بحسب الساعاتي، فهو الاتفاقية النووية مع إيران قائلا إنه بعد توقيعها "نشأت مخاوف حول إمكانية وجود بنود سرية فيها وأن هذه الاتفاقية ستطلق العنان لليد الإيرانية لأن تمتد طموحاتها وتدخلاتها لمناطق واسعة من العالم العربي" مضيفا: "شهدنا الدور الإيراني في سوريا والتأثير الإيراني في اليمن ولبنان، ولا ننسى تدخلاتها المستمرة بالبحرين من خلال التهديدات وإرسال الأسلحة وتدريب الشباب البحريني على الأعمال العسكرية والتغرير به وهناك شبكة اكتشفت بالكويت." وانتقد الساعاتي ما وصفه بـ"التهافت والهرولة" من دول في الشرق والغرب نحو إيران لبيعها الأسلحة والصواريخ مع توقع رفع العقوبات وإنهاء تجميد الأرصدة المالية قائلا" " قائلا: "لا يمكننا أن نقايض بين السلاح النووي الذي سيقيد وبين السلاح التقليدي المدمر أيضا، كالصواريخ البعيدة المدى والطائرات المقاتلة.. نريد ضمانات دولية من الدول الموقعة على الاتفاقية بأنها لن تطلق يد إيران بسباق تسلح ولن تكون شرطي الخليج." الملف السوري على نار حامية وأكد الساعاتي وجود تواصل مباشر مع موسكو حول الملف الإيراني وتبادل للآراء حول موقفها من تسليح طهران والأزمة السورية التي لخّص الحديث عنها بالقول: "المطلوب من روسيا هو لعب دور مهم بمسألة السلم بالمنطقة وخاصة بالملف السوري.. أظن أن نظام الأسد لم يعد طرفا مقبولا من أي جهة للمشاركة بالمرحلة القادمة، والأمر متروك للشعب السوري من خلال ممثليه وجميع القوى للاجتماع تحت مظلة الأمم المتحدة لأخذ قرار فوري بوقف الحرب وحل مشكلة النازحين." وأعرب الساعاتي عن أمله في أن تحمل الزيارة المرتقبة للعاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى روسيا، بوادر لحل الأزمة التي قال إن على جميع الأطراف فيها "تحمل دورها ومسؤوليتها وإنقاذ الشعب من الدمار" مضيفا: "لنتفق على أن نظام الأسد لا يمكن أن يكون له دور بمستقبل سوريا لأنه ارتكب فظاعات وهو مرفوض شعبيا وإقليميا ودوليا، وفرض نظام الأسد على الشعب السوري والمنطقة سيفتح المجال لأزمات أخرى مستمرة." واشترط الساعاتي ألا تكون التسويات المقبلة بسوريا مرتبطة بأي ملفات أخرى، "كأن تكون على حساب مصلحة دول مجلس التعاون أو في صالح إيران أو سواها" خاصة وأن دول الخليج ستكون في طليعة العاملين على صياغة مشروع متكامل لحل الأزمة السورية وتمويل عمليات إعادة الإعمار بالتعاون مع الدول المانحة.