رحم الله شهداء البحرين والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، رحم الله شهداء الخليج من الجنود البواسل الذين ضحوا بأرواحهم فداء لواجب وطني مقدس، والذين روت دماؤهم أرضا عربية دافعوا عنها وقدموا أغلى ما يملكون في سبيل الذود عنها، ومازال إخوانهم يواصلون الواجب الوطني المقدس دون كلل أو ملل، بل ان المصاب الجلل قد زادهم عزما وإصرارا على مواصلة مهمتهم وتقديم أرواحهم دفاعاً وفداءا لنصرة إخوانهم في الحدود الجنوبية من المملكة العربية السعودية. ولقد بادر حضرة صاحب الجلالة الملك المفدى حفظه الله ورعاه بإصدار الأمر الملكي السامي بتخصيص يوم الرابع من سبتمبر للشهيد وتلك اللفتة لم تكن غريبة، فكعادة جلالته سباقا في كل أمور الخير والعطاء والحب والود لشعبه وأبنائه، وهي كانت بالفعل لفتة أبوية قبل أن تحسب كأمر ملكي من قيادة لدولة، وقد أشعر الجميع بما فعله بمدى المصاب الجلل الذي خيمت ظلاله على مملكة البحرين، وتساوت معه في المصير مع دول الخليج العربي، فقد تلا ذلك وبيومين فقط توجيه من صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي ولي العهد بالمملكة العربية السعودية، بمعاملة الجنود الإماراتيين والبحرينيين الذين استشهدوا، معاملة الشهداء السعوديين ماديا ومعنويا. وذلك الحدث الجسيم الذي عاشته البحرين وما تبعه من قرارات وتوجيهات سامية من القادة، لا بد وأن يلفت النظر إلى شيء لا تخطئه عين من له بصيرة، فهؤلاء الشهداء الذين اختلطت دماؤهم ببعضهم البعض في أرض اليمن الشقيق، بعثوا برسالة من تحت الثرى لقادة دول مجلس التعاون الخليجي بأن المصير واحد والمصاب واحد والجسد واحد، فلم يفرق الموت بينهم وبإذن الله نحتسبهم عنده تعالى شهداء تجمعهم جنة الخلد، بل انهم بذلوا أرواحهم دفاعا عن بلد عربي وفي محيطنا الخليجي، وهم أشقاؤنا في اليمن، ضد عدو يتهدد جميع الأوطان العربية وليست اليمن فقط بل هي أطماع وضحت جلية في البحرين والكويت مؤخرا، وكانت واضحة وفاضحة في سوريا ولبنان والعراق، فماذا ننتظر؟ ماذا ننتظر لكي نتحد، ومتى سيتحقق ذلك، هل بعد أن تتفتت الدول العربية كلها، ويأتي الدور على دول الخليج، هل سنبقى منتظرين لقطار الاتحاد والذي لن يمر بمحطاتنا إلا عبر أزمات؟.. نعم هي الأزمات التي تصقل معادن الرجال والشعوب ويخرج من تحت رمادها الأمل في مستقبل زاهر ومشرق، لكن أليس ما شهدناه في الأسبوع الماضي من حدث جلل يدفع القادة في دول الخليج إلى منحى الاتحاد؟، ألم تكن البحرين تنادي منذ أشهر وسنوات بالاتحاد لمجابهة التحديات العظيمة؟ أليس في التحالف العسكري لدعم الشرعية لإعادة الأمل لليمن الشقيق اتحاد مصغر يمكن البناء عليه؟ انظروا إلى ما حدث من زاوية المصير الواحد، وراجعوا مطالبات الشعوب الخليجية بالاتحاد، وانظروا إلى أن عدونا واحد ولن ننتصر عليه إلا إذا اتحدنا، وانظروا إلى شهدائنا وشهداء الإمارات والسعودية الذين قرروا الاتحاد على أرض اليمن وماتوا في ساحة الشرف والجهاد للدفاع عن الخليج العربي بأكمله ولم يكن كل فصيل يدافع عن بلده، فماذا ننتظر. تلك الرسائل تحتاج إلى مراجعات من القادة في دول الخليج وبأسرع وقت، وربما كان من الأجدر الدعوة لاجتماع عاجل وطارئ لقادة دول مجلس التعاون الخليجي لوضع النقاط على الحروف، وتحديد الأهداف بما يحفظ حق شعوبنا ومطالبهم في أن يكونوا متحدين لأنهم خلقوا كذلك ولا يرضون بغير الاتحاد بديلا، وأتمنى في الفترة القصيرة المقبلة أن يتم الدعوة لهذا الاجتماع ووضع أطر جادة لتفعيل الاتحاد، وأن يمثل تاريخ الرابع من سبتمبر عيداً وطنياً لشعوب المنطقة يعلن فيه الاتحاد الخليجي، وبدلا من أن يكون يوما للشهيد، يصبح هذا اليوم شاهدا على علامة فارقة في تاريخ الأمة أجمع.