ينشر هذا المقال مع بدء العد التنازلي لانتهاء فترة قيد الناخبين والمرشحين، قبل يوم واحد من آخر موعد للتسجيل لقيد ناخب/ة في أنحاء المملكة (الاثنين 14 سبتمبر)، وقبل خمسة أيام من آخر موعد لتسجيل الترشح لأنحاء المملكة (الخميس 17 سبتمبر)، وبعد انتهاء قيد التسجيل والترشح لمكة المكرمة والمدينة المنورة (الخميس 3 سبتمبر). وما زال بإمكان من لم تسجل (وأنا هنا معنية بالمرأة بالتحديد) أن تتجه فوراً دون أي تردد إلى مركز الانتخاب الخاص بحيها بعد مراجعته على موقع الوزارة على الانترنت (ناخب جديد)، فتظهر خريطة المناطق واللجنة المحلية لمنطقتها، وإن كنت لن تجد/ي اسم حيك إلا على الخريطة، لكن من المهم أن تكون لديك قدرة جيدة على قراءة الخرائط لمعرفة أين يوجد حيك عليها. وتزداد مع العد التنازلي حمية الورش والمحاضرات الاستدراكية في كل مكان لاغتنام ما يمكن اغتنامه من فرصة توعية أو تعريف بكيف للنساء التسجيل أو المشاركة السياسية بعد تجاوب لا بأس به من الوزارة مع ضغط النساء على الوزارة واللجان المحلية فنجحت بعضها في العمل فضلاً عن بعض المحاضرات غير التقليدية في البيوت والدور أو في دور الصحافة كالندوة التي عقدتها مجلة سيدتي مع مبادرة بلدي في جدة. كما تدخل النساء، ممن لم يسجلن بعد، في حالة من التوتر والانزعاج مع اقتراب ساعة الصفر وهن لم يستطعن التسجيل بعد بينما يلاحقن عُمد أحيائهن بالدرجة الأولى أو محاولة استكمال أوراق إثبات مقر سكنهن التي تذكرني بمقولة العزيزة سحر نصيف: سأسجل مهما كانت الصعوبات ولو طلبوا مني أجيب لبن العصفور. ونجحت في التسجيل بعد أسبوعين من المعاناة اليومية. وتتخلل هذا الأسبوع قصص انتصارات، وانتصارات النساء التي أطلق عليها نضالاً وجهاداً، تبدو مضحكة أمام العالم وكثير من رجالنا. بل ويُنظر بسخرية وتعجب عندما نحتفي بامرأة نجحت في تسجيل قيدها بعد معاناة استمرت أسبوعين وأكثر في ملاحقة للعُمد الذين لا يستقرون في مكان، ما بين سفر ومرض وبحث عن النائب والبديل والمقر ومن يتبع له حيّي، وفي الأوراق التي تحتاج تصديقا وتعريفا واستجداء من أقارب وغير أقارب وطليق وغريب، من أماكن قريبة وبعيدة ووصولا بسيارة لا تقودها. لكن القصص والروايات وكتب التاريخ ستوثق هذه الانتصارات وتضعها في سياقها الاجتماعي والتاريخي الحقيقي لمعاناة النساء في تثبيت حقهن الوجودي. وهناك تجاوزات شهدتها عدد من المحافظات في المناطق التي يضعف فيها التسجيل بتقليص بعض الموظفات من ساعات التسجيل دون إعلان ودون التزام، في ظل عدم وضوح آلية الشكوى، فعلى سبيل المثال عانت سيدات في مدينة سكاكا من تغيير الموظفات لمواعيد استقبال السيدات ليومين على التوالي حسب رصد إحدى سيدات الجوف التي حضرت في الثامنة واليوم التالي حضرت في السابعة والنصف ووجدت المركز مغلقا، بل وكان الحارس على الباب يكمل الصورة لصرف السيدات ويقول: " ما فيه دخول، خلاص" بل وينادي "يا دورية تعالوا" في حين أن الدورية التي تقف على باب المقرات من واجبها تأمين دخول النساء وليس المساعدة على صرفهن قبل انتهاء الوقت. وعملية التغيير دون إعلام كاف حدثت في أول يوم تسجيل في القصيم حين غيروا دوام مساء السبت إلى صباحي. إن هذه التغييرات التي تنال مقرات النساء ليست في صالح المرأة بأي شكل، فناهيك عن إشكالية الوصول التي تحتاج إلى ترتيبات مسبقة معقدة لتوفير وسيلة مواصلات، فمن الهدر أن تصل المرأة لتجد المقر مغلقاً. ومن غير المفيد أن تجتهد موظفات مللن الانتظار في أمر كهذا فيقررن غلق المقر والعودة إلى منازلهن، فتصل الناخبات ويُصرفن. ومقرات أخرى تقوم بالاجتهاد في طلبات ليست في النص وليست على صفحة الوزارة لكنها تعتبرها أساسية مثل أصول الوثائق، والمرأة التي لا تكون متأكدة من حقوقها تقع ضحية الموظفة التي تصر على أن هذه تعليماتها. فكم من رجل فيمن سجل في أنحاء المملكة طولب بأن يقدم بطاقة عائلة أو يصدق على مكان إقامته بأن يجلب معرفين، أو يبحث عن عمدة الحي ويركب سيارة تاكسي أو يبحث عن مواصلات أو يستجدي سيارة من جاره لتوصله إلى المركز الانتخابي المعدود على الأصابع والذي ليس بالضرورة يجد موقعه على الخريطة بسهولة ليجده مغلقاً ثم يعاود الكرة اليوم التالي والثالث والرابع ثم يذهب إلى مركز الشرطة ويرابط هناك في انتظار وصول عمدة الحي الذي يداوم عشر دقائق، ثم يعطيه محاضرة في لاجدوى الانتخابات أو المجالس البلدية، ثم يبقى مصراً على النجاح في التسجيل؟ وبالمقابل شهد هذا الأسبوع نشاطاً جميلاً على مستوى اليوتيوب والرسائل الإيجابية فيه، فبثّت تماضر اليامي وذكرى العطاس ولجين العبيد يوتيوباً باسم "تبغى بلدك يفرق، صوتك اللي حيفرق"، جمعن فيه الكثير من الرسائل المباشرة ومن عدد من الناخبات بصوتهن. كما قامت تماضر اليامي ببث يوتيوب شخصي أكثر مباشرة وتحديداً يساعد الناخبة على الوصول إلى المعلومات المختلفة للتسجيل. كما صدر من بداية شوال واستمرت حتى هذا الأسبوع يوتيوب "خواطر المجالس البلدية" الثلاثة للدكتور محمد المفرح التي يستخدم فيها الإنفوغراف بشكل جميل وسلاسة في الانتقال ما بين المواضيع المهمة، ولعل الخاطرتين الثانية والثالثة كانتا أكثر احترافية ووصولاً، ذلك أن كل هذه المبادرات تحتاج أن تخضع للغة الفن الذي تستخدمه، وهي السرعة في الوصول للمعلومة وتقديمها بشكل يستخدم الصورة بخفة ولباقة. وكانت قد صدرت حلقة يوتيوب جميلة من مبادرة بلدي الرياض، باسم "صوتك راح يغير مجتمعك" فكرة وإعداد أسماء العبودي وإخراج هيا السويد في بداية أغسطس بعد انتهاء المرحلة الأولى من ورش "شريكة2" لتأهيل المرشحات ومديرات الحملات الانتخابية. والأجمل كان إصدار الحلقة الأولى من الموسم الثالث لقناة فهد البتيري "لايكثر" التي خصصها للانتخابات البلدية وخاصة مشاركة المرأة وأسماها "هلع" لحالة الاستنفار التي شهدتها بعض المواقع وبعض الفيديوهات المضادة التي تجسد حالة الخوف من وصول المرأة إلى المجالس البلدية وسماع صوتها وما لديها لتقوله، ولعلها، كما يقول المراقبون، حلقة من نتاج تأثير الزواج على البتيري الذي عبر عنه في بداية الحلقة بشكل تندّري معبر. وفي ختام هذه النقاط التسجيلية أدعو وزارة الشؤون البلدية والقروية أن تنظر بعين الجدية إلى المطالب الحثيثة بتمديد فترة التسجيل التي لا تُعد كافية بأي شكل من الأشكال، لاسيما منطقتا مكة والمدينة المنشغلتان في أمور استقبال الحجيج واستعداداته عن متابعة أمور الانتخابات. وبقية المناطق التي هي بلا شك بحاجة لهذا التمديد وقد بدأن يستوعبن الموضوع، ومن الأفضل لو كان التمديد لأسبوعين آخرين بعد العيد مباشرة. لمراسلة الكاتب: halfassi@alriyadh.net