لم يتخيل وهو يدخل إلى منزله في تلك الليلة الشتوية القارصة البرودة أن يجد زوجته التي يتغرب عن بلده من أجل إسعادها وتلبية طلباتها تخونه مع جاره. لحظات رهيبة مرت ما بين اكتشاف الزوج خيانة زوجته وما فعله لينتقم من خيانتها له. لم يكن حظ سالم كبيراً في التعليم، فقد نشأ بين والدين أميين لا يدركان قيمة التعليم، لذلك لم يدفعاه لمواصلة تعليمه وقبل أن يحصل على الشهادة الإعدادية، قرر ترك الدراسة بعد أن تعددت مرات رسوبه في سنوات دراسية مختلفة، فأصبح كبير السن مقارنة بزملائه، ما كان يسبب له حرجاً كبيراً بينهم، بعدها تنقل بين مهن عدة حتى استقرت به الحال في العمل نجاراً، بعد أن حقق نجاحاً باهراً أدهش كل من حوله. أثناء حضور سالم حفل زفاف أحد الأصدقاء شاهد نادية، وخطفت قلبه من اللمحة الأولى حتى قبل أن يكلمها، و ازداد شعوره هذا نحوها عندما تحدث إليها، ودار بينهما حديث لم ينقطع طوال الحفل حتى عرف عنها كل شيء، وفوجئت به يصارحها بأنه يرغب في الزواج منها، وأبدى استعداده لتلبية جميع طلباتها وطلبات أسرتها، فقد شعر بأنها خطفت قلبه من النظرة الأولى وكان والداه يطلبان منه دائماً أن يسرع بالزواج حتى يستقر في حياته، ففور أن أعلن لهما عن رغبته في الزواج من نادية أسرعا ليطلبا يدها، وكما رحب والداه بها رحبت أسرة نادية به، دون أي اعتراض أو تردد، خاصة وأنه شاب طيب من أسرة طيبة والجميع يشهد بحسن أخلاقه ويكبرها بثلاث سنوات فقط، وبعد أيام قليلة تمت الخطوبة، ولم تمض سوى شهور عدة حتى تم الزفاف بهدوء في حفلة صغيرة في بيت أسرة العروس،وكانت سعادته بلا حدود عندما جلس إلى جوارها في الكوشة وانتقلت للإقامة معه في منزله وكان سالم يشعر أنه أسعد رجل في العالم وكان كريماً معها ولم يبخل أو يتقاعس عن أي طلب تطلبه، ويبذل ما في وسعه لإسعادها، فقد كان يحسد نفسه على الفوز بها ويتمنى رضاها ويطلبه بقدر استطاعته. لم يستمر شهر العسل طويلاً فظروف عمله تحتم عليه البقاء بعيداً عن منزله لفترات طويلة كل أسبوع، وبالفعل سافر وترك زوجته وحيدة. في البداية حاولت أن تحتمل هذا الوضع لكنها لم تتمكن من الاستمرار فبدأت تعترض على سفره وفي التعبير عن شكواها من غيابه عن المنزل وتخبره بقسوة الليالي التي تبيت فيها بمفردها، لكنه كان يخبرها أنه يفعل ذلك من أجلها، ومن أجل مستقبلهما ولكي تعيش في مستوى أفضل مما كانا يعيشانه، وأنه في عمله لا يتنزه مع أصدقائه ولا مع امرأة أخرى، وكانت حجته مقنعة للجميع إلا زوجته التي لم تقتنع واستمرت في عتابه وكان منطقها أن عمله يجب أن يكون له حدود خاصة وأنه يعود منهك القوى، ثم توقفت مطالبتها له بالبقاء معها وكفت عن شجارها معه بسبب سفره الدائم وغيابه عن المنزل، تصور وقتها أنها يئست من تكرار مطالبها، واقتنعت في النهاية بأن ما يفعله هو من أجلها، لكنه كان أخطأ بتقديره فزوجته التي كانت تقضي معظم الأسبوع وحيدة في الشقة، كان عمرو مالك المنزل قد أدرك ما تعانيه، وبدأ في محاولة جذب انتباهها، وكلما حانت له الفرصة يلقي إلى مسامعها كلمات الغزل، ويقول لها إن من يتزوج امرأة مثلها لابد أن يبقى بجوارها طوال الوقت، ويلقي إليها كل ما تود أي امرأة أن تسمعه. في البداية كانت تتظاهر بأنها تصده وتنهره، ومع الوقت تجاوبت معه حتى طلب منها اللقاء خارج المنزل لكنها رفضت، ففوجئت به يطرق باب شقتها في ساعة متأخرة من الليل، وبالطبع لم يكن زوجها موجوداً وبعد قليل من التمنع وبعد أن أكد لها أنه سيغرقها بأمواله استسلمت لرغباته، ونشأت بينهما علاقة غير شرعية وقام عمرو بدوره على أكمل وجه فأعطته كل ما تملك وتعددت اللقاءات المحرمة بينهما، واستمرت علاقتهما لأشهر عدة، وشعر زوجها بالتغير الكبير في طريقة تعاملها معه، وأنها لم تعد تطلب منه العودة مبكراً فظن أنها عادت لرشدها ولم يتخيل للحظة واحدة أن تغيرها بسبب شخص آخر اقتحم حياتها، وكان يمكن أن تستمر الخيانة طويلاً، لكن الله شاء أن يفضح أمرهما عندما استأذن الزوج صاحب العمل وعاد في إجازة لكي يسعد زوجته بحضوره المفاجئ، فعلى الرغم من أن شجارها معه بسبب غيابه عنها كان يضايقه، إلا أنه كان يسعده فهو يعبر عن مدى حبها له، وتوجه إلى شقته وهو يتخيل وقع المفاجأة عليها وكم ستكون سعيدة بذلك.. فتح باب الشقة بهدوء شديد وتوجه إلى حجرة النوم ليفاجئها بحضوره، لكن المفاجأة كانت من نصيبه هو فقد وجد زوجته تخونه مع جاره، ورغم قسوة المفاجأة تمالك نفسه سريعاً وأخذ في الصراخ مستنجداً بالجيران الذين تجمعوا على الفور ليشاركوه في رؤية هذا المشهد المؤلم والمقزز للجميع، وتمكنوا من ضبط العشيق الذي حاول الهرب بينما كانت الزوجة قد أصيبت بالرعب الشديد عندما شاهدت زوجها. تلقت الشرطة بلاغاً بالواقعة من الجيران بعد أن انهالوا بالضرب على العشيقين، وكادوا يفتكوا بهما لولا حضور رجال الشرطة الذين أنقذوهما من بين أيديهم، وأكدت التحريات أن المتهم كان يتردد على الزوجة في غياب الزوج، حيث كانت تربطهما علاقة غير شرعية، وأن العلاقة بينهما استمرت لمدة طويلة، كما أكد الشهود من الجيران أنهم سمعوا أصوات استغاثة وصرخات وأنهم ضبطوا مالك العقار وزوجة سالم بالجرم المشهود. لم يرضخ الزوج لمحاولات أهل زوجته بالتستر عليها، وأصر على توجيه تهمة الزنا إليها وهو يحمد ربه فقد أنقذته العناية الإلهية من قتل محقق عاجلاً أم آجلاً كان سيتم على يد العاشقين. أحيل المتهمان إلى النيابة وأمرت بحبسهما على ذمة التحقيق.