ناشد رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون أمس الأربعاء الأحزاب السياسية في آيرلندا الشمالية بالتمسك بـ«المبادئ النبيلة» لاتفاق تقاسم السلطة، وحل الأزمة التي تهدد بتقويض الاتفاق في أسرع وقت ممكن. وتفاقمت الأزمة أمس الأربعاء بعد أن قالت الشرطة إن عضوا معروفا بشكل جيد من الحزب القومي الإيرلندي «شين فين» هو أحد الآيرلنديين الثلاثة، الذين يشتبه في ارتباطهم بالجيش الجمهوري الآيرلندي، والمحتجزين لأسباب تتعلق بحادث قتل كيفن ماكجيجان، الذي وقع الشهر الماضي. وهدد بيتر روبنسون، زعيم الحزب الاتحاد الديمقراطي، الذي يرأس حكومة آيرلندا الشمالية المفوضة بنقل السلطة للأقاليم المحلية، بالاستقالة أمس الأربعاء ما لم يتم تعليق عمل الجمعية الإقليمية، انتظارا للتحقيق في استمرار وجود الجيش الجمهوري الآيرلندي، وصلاته بـ«الشين فين». وقال روبنسون في هذا الصدد «نعتقد أن صلات الجيش الجمهوري الآيرلندي بالشين فين أكبر هي بكثير مما كان يعتقد». وردا على سؤال في البرلمان، قال كاميرون إن نجاح المفاوضات في التوصل إلى اتفاق لتقاسم السلطة في آيرلندا الشمالية كان «واحدا من أكثر الأشياء التي رأيتها إلهاما»، وتابع مؤكدا «سنفعل كل ما بوسعنا لمساعدتكم ولكن دعونا نفكر في عمليات أنبل، والمبادئ العظيمة النبيلة التي تمت مراعاتها في الماضي. دعونا نقوم بذلك مرة أخرى». وقد بدأت محادثات أزمة أول من أمس الثلاثاء بدعم من الحكومتين البريطانية والآيرلندية. تجدر الإشارة إلى أن صراعا طائفيا عصف بآيرلندا الشمالية، واستمر لمدة 38 عاما، حيث سعى القوميون الكاثوليك خلال هذا الصراع لتكون آيرلندا موحدة، بينما سعى البروتستانت الوحدويون للبقاء في المملكة المتحدة. وقد انخفض عدد الهجمات بعدما انتهت المشاكل في سنة 2007 من خلال عملية سلام أدت إلى تقاسم السلطة في الإقليم. وكان السياسيون في آيرلندا الشمالية قد توصلوا نهاية السنة الماضية إلى اتفاق حول عدد من القضايا الخلافية التي هددت حكومة تقاسم السلطة في البلاد، وذلك بعد أسابيع من المناقشات. وحل الاتفاق بعض المشاكل الخاصة بميزانية الحكومة المحلية، وعدم تنفيذ إصلاحات الرعاية، بينما يتم تأسيس هياكل جديدة للتعامل مع إرث أعمال العنف والقتل التي لم تحل خلال الاضطرابات. ولكن تبقى هناك بعض القضايا الشائكة، مثل رفع الأعلام فوق المباني، والمسيرات الطائفية، التي تم تأجيلها مع تشكيل لجنة خاصة من شأنها التحقيق في كل قضية على حدة، مثل موكب شمال بلفاست الذي أدى إلى اضطراب طائفي خطير. وبموجب هذا الاتفاق سيتم تسليم حكومة تقاسم السلطة في بلفاست ملياري جنيه إسترليني لتخفيف أثر الإصلاحات على نظام الرعاية والتخفيضات على مدى العقد القادم، والتي وافقت عليها الأحزاب في النهاية. كما سيتم استخدام هذا المبلغ أيضا لتمويل مؤسسة جديدة للتحقيق في إرث الاضطرابات، وعلاج ضحايا الصراع وآلاف الجرائم التي لم تحل منذ عام 1969. وقد رحب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون بتوصل القادة السياسيين في آيرلندا الشمالية إلى اتفاق سياسي حول القضايا الخلافية في البلاد، واصفا هذا الاتفاق بـ«التاريخي». وقال كاميرون آنذاك في بيان صادر من رئاسة الوزراء: «يسعدني أنه تم التوصل إلى اتفاق عملي، يمكن أن يسمح لآيرلندا الشمالية بالاستمتاع بمستقبل أكثر إشراقا وازدهارا، ويتيح لها في النهاية التعامل مع ماضيها» مضيفا أن هذا الاتفاق يعني أن الحكومة البريطانية «قادرة على تقديم حزمة مالية كبيرة تفتح الطريق لمزيد من الرخاء والاستقرار والأمن الاقتصادي لآيرلندا الشمالية، مما يعني أنه يمكن للأطراف التغلب على القضايا الرئيسية العالقة التي لم تحل منذ اتفاق بلفاست». ومن جهته، وصف الوزير الأول في آيرلندا الشمالية بيتر روبنسون، الاتفاق بأنه خطوة هائلة إلى الأمام في البلاد، مضيفا أن الأموال التي ستحصل عليها الحكومة من لندن قد توفر 60 ألف فرصة عمل وتنقذ عملية السلام.