سرني أن أعرف أن بعض طالبات جامعة الأميرة نورة، بدعم من بعض المتطوعين من المحامين النبلاء، قررن التصدي لحملات التشهير والقذف التي يقودها بعض المارقين ضد المحصنات الغافلات من طالبات ومنسوبات جامعة الأميرة نورة أو عضوات مجلس الشورى أو المثقفات عامة، فأنشأن حسابا على تويتر باسم راصد التشهير والقذف، هدفه جمع وتوثيق تغريدات التشهير والقذف التي يبثها أولئك المعتدون الذين لا يتورعون عن قذف الأبرياء بالباطل، تمهيدا لرفعها نظاميا لجهة الاختصاص من أجل ردعهم وكف أذاهم. سرني أن أعرف أن بعض الطالبات قمن بهذا التصرف، ليس حبا في الانتقام من المعتدين الذين يفجرون في خصومتهم لجامعة الأميرة نورة والمنتسبات إليها، أو لمجلس الشورى ومن فيه من العضوات، أو لكثير من المثقفات والكاتبات، وإنما لأني رأيت في هذا المسلك من الطالبات مؤشرا دالا على تحول إيجابي في شخصية ونمط تفكير المرأة كما يتجسد في هذه الأجيال المقبلة من الشابات، فبعد أن كان من المألوف أن تقف النساء موقفا سلبيا عاجزا أمام ما يواجههن من المشكلات أو الاعتداءات، مكتفيات بترديد التذمر والشكوى والنواح المصحوب بشيء من الرثاء للنفس واستضعافها والشعور بعجزها، نجدهن اليوم تغيرن تماما في موقفهن، وأخذن يتجهن إلى نمط آخر من السلوك مختلف تماما عما كان مألوفا منهن. صارت النساء اليوم أكثر إيجابية في نمط تفكيرهن، وأكثر ثقة بأنفسهن، وأشد قوة وعزيمة مما كن عليه من قبل. إن اتخاذ النساء لمثل هذه الخطوة العملية التي ترد عنهن الأذى متى لاح قريبا منهن وتؤدب المتجرئ عليهن متى بدا منه ما ينتهك الحرمات ويتجاوز الحدود. هي التي تسر، فقد آن للمرأة أن تستعيد إحساسها بذاتها وما هي عليه وما يجب على الآخرين أن يلتزموا به تجاهها. لقد ظلت النساء قرونا طويلة صامتات أمام ما يصيبهن من إهانات وتعديات، لكنهن اليوم فيما يبدو استنفدن مخزونهن من الصبر والحلم بعد أن أدركن أن الصمت تشجيع على التمادي، وأن السلبية في الموقف تجاه ما يوجه لهن من قذف واتهام، تخل عن الكرامة وانسحاب من المسؤولية. هؤلاء الطالبات يحق لهن أن يفخرن بأنفسهن وهن يحملن شعلة الريادة في السبق إلى اتخاذ موقف إيجابي يهدف إلى القضاء على ظاهرة التعدي على الحرمات التي باتت منتشرة على صفحات تويتر. ما تفعله هؤلاء الشابات يدخل في نطاق الدفاع عن النفس، وقد قررن خوض المعركة بأنفسهن بعد أن يئسن أن ينبري أحد غيرهن لفعل ذلك.