×
محافظة المنطقة الشرقية

البار يوقع عقود مشاريع جديدة لقرى مكة

صورة الخبر

طبيعة النظام السابق في ليبيا فشلت في مأسسة الدولة، والتي اعتمدت في عهد معمر القذافي على خطاب ثوري ونظرية مغايرة لما يخص بناء الدول، وشكلت اللجان الشعبية ما يشبه المجاميع التي تردد نظرية القذافي وتعتمد عليها، وهي بكل تأكيد نظرية هشة فرضت حالة من الفوضى المنظمة دخل ليبيا، وظلت التكوينات التقليدية القبلية والمناطقية تدير نفسها بطريقة مغايرة لأسلوب القذافي في إدارة البلد، وشكلت أدوات قمع مارست العنف بكل أنواعه ضد معارضيه، ومجرد أن انهار القذافي أصبحت ليبيا دون دولة. الطبيعة الجغرافية السياسية لليبيا جعلت التكوينات المناطقية معزولة عن بعضها ونتيجة للمظالم التي أنتجتها قبيلة القذافي ضد المناطق الأخرى وتركز الثروة في بعض المناطق ولأسباب أخرى فإن ليبيا هي تعد الأكثر تأهيلا لفكرة الانفصالات، وتلعب المليشيات القبلية والدينية وقوى المصالح دوراً أساسياً في قيادة ليبيا نحو تقسيم الجغرافيا الليبية. الهوية الليبية من ناحية أخرى ليست واضحة وهشة وضعيفة، ويبدو أن الانتماءات القبلية والمناطقية هي الغالبة، وفكرة بناء دولة من الصفر بعد رحيل القذافي ستدخل الليبيين في صراعات دائمة، وهذه الصراعات ستؤدي لا محالة إلى تقسيم ليبيا وانتشار حالة من الفوضى الدائمة داخل كل منطقة، وبالتالي فإنها لن تخرج من مأزقها الحالي إلا بتدخل دولي يمكن الليبيين من وضع صيغة جديدة لدولتهم الجديدة ومساعدة المؤسسة الضعيفة وغير القادرة على فرض هيبتها على المليشيات القبلية والدينية. ومن هنا فإن الحكومة الليبية ستظل بحاجة إلى جهات خارجية تساندها، وبالطبع فإن التدخل الخارجي سيبحث عن نفوذ داخل ليبيا وسيركز على الثروة بشكل أساسي، وهو أيضاً إن لم يكن مضبوطاً ومتوافقاً عليه فقد يصبح هو الصاعق الذي قد يقود ليبيا إلى الصراع والانقسام والتشتت، والدخول في صراعات، وهو ما يعكس مخاوف متزايدة اليوم أن تتحول ليبيا إلى منطقة فوضى تضرب الأمن القومي العربي خاصة المصري في ظل الصراع الداخلي الراهن، ويبدو أن التنظيم العالمي للإخوان المسلمين وربما بإسناد بعض الدول المتحالفة معهم يسعون إلى تحويل ليبيا إلى منطقة فوضى لإسنادهم في الداخل المصري. ومن ثم يتعين على مصر والعرب أن يلعبوا دوراً أساسياً في مساعدة الليبيين لبناء دولتهم حتى لا تتحول ليبيا إلى قنبلة موقوتة ضد الأمن العربي وبؤرة سوداء لتصدير الإرهاب في أفريقيا وأوروبا، وإن حدث ذلك فإن العرب سيكونون أكثر خسارة من غيرهم، كما أعتقد أن إنقاذ ليبيا مسألة عربية، وعلى العرب أن يفتحوا حوارا مع المجتمع الدولي لإخراج ليبيا من مأزقها الراهن. * أستاذ العلوم السياسية