التقييم * يلاحظ المتابع لمسيرة لنجمة ميريل ستريب الفنية شيئين: أولهما قدرتها الرهيبة على تنويع أدوارها فنراها مهاجرة بولندية وساحرة ورئيسة وزراء وراهبة وطباخة وغيره الكثير، وثانيهما كثرة ترشيحاتها لنيل جوائز الأوسكار وهي الممثلة صاحبة الرقم القياسي في الترشيحات. فضلاً عن كونها الممثلة الوحيدة التي مثلت أدوار بطولة في 3 أفلام فازت بجوائز أوسكار كأفضل فيلم، الأول كانThe Deer Hunter عام 1978، والثاني Kramer VS Kramer عام 1979 والثالث Out of Africa عام 1985. لكن هنا في Ricki and the Flash كسر ما ظنناه القاعدة، فلا ترشيح أوسكار ولا ستريب تبدو مقنعة أو مقتنعة بدورها ولا الفيلم يبدو جاذبا بأي شكل من الأشكال. هذا الفيلم لم يكن ضرورياً وكان على ستريب التريث قبل الموافقة على الظهور فيه. ستريب تؤدي دور (ريكي) مغنية فرقة روك آند رول في الستين من عمرها (وكذلك عمر الممثلة)، تركت عائلتها للبحث عن شهرة لم تحصل عليها ثم عادت بطلب من زوجها عندما أبلغها أن ابنتهما تمر بأزمة زواج وحاولت الانتحار. بعد عودتها تكتشف ريكي أنها بعد كل سنوات الغياب أصبحت غريبة على عائلتها وأصبح قبولها صعباً خصوصاً أن زوجها اقترن بأخرى اسمها مورين (أودرا مكدونالد) وهي التي تفرغت لتربية الأبناء. تحاول ريكي إصلاح العلاقة لكنها لا تنجح وتغادر إلى كاليفورنيا غاضبة ودون أن أسرد تفاصيل أكثر سأكتفي بالقول أن ريكي ستحاول طوال الفيلم أن تتصالح مع عائلتها. الفيلم بمجمله من أسوأ أعمال من نوعية seriocomic الجادة في المغزى والكوميدية في الأسلوب. هناك الكثير من الزعيق والبكاء الذي يذكر بالدراما الخليجية /العربية التافهة والغارقة في الميلودراما التي تشبعنا منها في شهر رمضان. يوجد العديد من النقاط غير المفهومة في الفيلم، فكما نرى يتصل pete (كيفن كلاين) بزوجته ريكي كي يخبرها أن ابنتهما حاولت الانتحار كما ذكرت آنفاً، فسبب عودة ريكي لعائلتها هو الأزمة النفسية للفتاة التي تؤدي دورها مامي غومر (ابنة ستريب الحقيقية)، وقد يظن المشاهد أن الفيلم ذاهب في اتجاه ضرورة وجود الأم لمؤازرة ابنتها وهو موضوع قوي في حد ذاته، لكن نفاجأ أن الفيلم يهمش الفتاة للتركيز على ريكي. أيضا مشاهد ستريب وكلاين معا لم تستثمر بصورة جيدة، فكأنهما يحاولان تذكيرنا بالفيلم الذي ظهرا فيه معاً وهو Sophies Choice عام 1982 وليس لأي سبب آخر. فضلا عن أن الفيلم تجاهل أقوى شخصية وهي مورين زوجة pete التي ربت الأبناء. المشهد الأخير بالذات كان من المفترض أن يكون ذا روح عالية لأنه يحاول لم شمل الأسرة المفككة لكن المشكلة أن المشهد ظهر كأنه يخجل من نفسه، فلا الممثلين بدوا مقتنعين بالمشهد ولا المخرج استطاع أن يضبط رؤيته. المخرج جوناثان ديم أوسكاري بامتياز، فقد حاز على جائزة أوسكار أفضل إخراج عن فيلم The Silence of the Lambs عام 1991، وكذلك الفيلم حاز على جائزة أفضل عمل لذلك العام. ثم أخرج فيلم Philadelphia عام 1993 والذي جلب لتوم هانكس جائزة أفضل ممثل. لكن هنا لدينا مشكلة وهي عدم التناسق أو التكامل بين النص والتنفيذ، فلو رجعنا إلى نص الفيلم الذي كتبته ديابلو كودي فلربما وجدناه أفضل ورقيا خصوصاً أن ديابلو تمتلك في رصيدها نص فيلم جميل هو Juno عام 2007. ذلك بالطبع يقودنا إلى الاستنتاج أن النص وقع في اليد الخطأ، أي أن المخرج جوناثان ديم لم يحسن تنفيذه. الفصل الثاني من الفيلم مكرس لمشاهد الحفلات الغنائية التي تحييها ريكي مع فرقتها في الحانة وفي عرس ابنها وهما من المشاهد الضعيفة لسببين، الأول: ستريب بالرغم من براعتها في الغناء إلا أنها غير مقنعة كامرأة ستينية مغنية في فرقة روك وأم في الوقت نفسه. والثاني: المخرج جوناثان ديم له تجربة سابقة في فيلم شبيه كثيراً بهذا اسمهRachel getting married في 2008، كان أفضل من هذا بكثير، لذلك لو أردتم مشاهدة ممتعة فتجاهلوا هذا وشاهدوا ذلك الفيلم.