مع مسيرات على نهر التايمز ودقات أجراس وطلقات مدفعية، تحتفل بريطانيا الأربعاء بملكتها إليزابيث الثانية التي ستدخل التاريخ من بابه العريض حين تصبح عند الساعة 16,30 ت.غ. العاهل البريطاني الذي حكم اطول فترة. ومن أمام قصر باكينغهام، صرح المنادي الملكي وهو يرتدي لباسا من القرون الوسطى احمر وذهبيا ويعتمر قبعة عليها ريش نعامة ويحمل جرسا "نحتفل اليوم برقم قياسي ملكي عند الساعة 17,30" (بالتوقيت المحلي). وستتجاوز إليزابيث الثانية في هذه الساعة حكم قريبتها الملكة فيكتوريا التي تولت العرش 63 عاما و216 يوما بين عامي 1837 و1901. ويصعب تحديد الساعة بالضبط، إذ لا تعرف بالتحديد الساعة التي بدأ فيها عهد إليزابيث الثانية. فقد توفي والدها الملك جورج السادس في نومه في ساعة غير محددة خلال الليل. وعلى الصعيد العالمي، يحمل ملك تايلاند بوميبول ادولياديج البالغ 87 عاما الرقم القياسي لأطول حكم ملكي بعدما تولى العرش في العام 1946. وقد اعتلت إليزابيث المولودة في 21 نيسان/أبريل 1926 العرش في 6 شباط/فبراير 1952 في فترة كان فيها ونستون تشرشل يرأس الحكومة البريطانية، وكان ستالين يتزعم الاتحاد السوفياتي. وبعد ستة عقود، يجمع الخبراء جميعهم في الشؤون الملكية على القول إن الملكة التي لا تزال تتمتع بكامل قدراتها في التاسعة والثمانين من العمر لن تتنحى يوما عن العرش. وبمناسبة حلول هذه اللحظة التاريخية التي تضاف إلى مسيرتها الحافلة، لم تخطط الملكة لأي احتفال. وهي غالبا ما تقول "نو فاس" (لا حاجة الى هرج ومرج). لكن أجهزة القصر نشرت لهذه المناسبة صورة التقطتها ماري ماكارتني (ابنة الفنان بول ماكارتني)، تظهر إليزابيث وهي جالسة على مكتبها أمام العلبة الحمراء التي تصلها كل يوم تقريبا من الحكومة. وأمام الحماسة المتزايدة للجمهور وافقت أخيرا على أن تشارك في تدشين خط جديد للسكك الحديد في اسكتلندا حيث عادة ما تمضي الصيف في مقر إقامتها في بالمورال. وستصعد برفقة زوجها الأمير فيليب الذي اقترنت به منذ 68 عاما تقريبا إلى قطار يعمل بالبخار لقطع المسافة بين ادنبره وبلدة تويدبنك الحدودية. وعند نقطة الوصول تتوقع وسائل الإعلام البريطانية أن تلقي كلمة مقتضبة في بادرة نادرة جدا خارج المناسبات الرسمية الكبرى مثل رسالة عيد الميلاد أو افتتاح الدورات البرلمانية. بعد ذلك ستتناول العشاء في بالمورال برفقة حفيدها الأمير وليام وزوجته كايت. وحتى لو اختارت الملكة شعار الرزانة لهذه الفعاليات في سياق ولاية ملكية لطالما تميزت فيها بالتحفظ، فإن عدة فعاليات احتفالية هي مبرمجة في هذا اليوم في بريطانيا للاحتفال بـ "الملكة الأعظم" للبريطانيين، بحسب ما كشف استطلاع آراء حديث أجرته "يوغوف". وتجمع عشرات الأشخاص صباح الأربعاء أمام قصر باكينغهام لالتقاط صور "سيلفي" أمام السياج المذهب للقصر. وقال آدم هردمان وهو بريطاني في الثامنة والعشرين من العمر "انه نجاح كبير ... ونحن بحاجة إلى مواصلته". أما رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، فهو صرح في بيان "خلال السنوات ال 63 الأخيرة، كانت جلالتها بمثابة صخرة صمود". وقد توقف النواب عن العمل البرلماني قرابة الساعة 10,30 بتوقيت غرينيتش، تكريما للملكة، في حين قرعت أجراس دير ويستمنستر في قلب لندن في الساعة عينها. ويشمل برنامج الاحتفالات مسيرة على نهر التايمز لسفن تابعة للأسطول الملكي "غلوريا" تزامنا مع طلقات مدفعية من سفينة "اتش ام اس بلفاست" الحربية التي حولت إلى متحف. وقد علقت لافتة كبيرة على قمة برج مشغل "بريتيش تيليكوم" في لندن، كتب عليها "فليدم حكمها طويلا". وللمرة الأولى، سمح لطواقم التلفزيون بالانتشار في حدائق قصر باكينغهام.