هو رئيس لمجلس النواب وبمطرقته يضبط النظام تحت قبة البرلمان، هو مهندس السياسة المحلية اللبنانية فقبعته مليئة بالأرانب الجاهزة للإخراج عند كل منعطف خطير، حلفاؤه يخشونه ولا يمتلكون الجرأة للتخلي عنه وأخصامه يحبونه ولا يمتلكون الجرأة أيضا لإعلان العداء له. بري دائما حاضر في معادلات الحلفاء وفي حسابات الاعداء، فلا نجاح لمشاريع حلفائه إن لم يكن هو الغطاء لها، ولا نجاح لتسويات خصومه إن لم يكن هو المبادر من أجلها. عشر سنوات تفصل بين حوار وحوار، الدعوة واحدة والداعي إليه واحد هو الرئيس بري نفسه. فالجالسون على الطاولتين تختلف أسماء بعضهم فيما هو لا يتبدل ولا يتغير، يوزع ابتساماته يمينا ويسارا وخلف كل ابتسامة دعابة ورسالة يفهمها الساسة الجالسون على الطاولة والغائبون عنها. فيما الإعلام يجد فيها فسحة وحديقة لاختيار أجمل العناوين في مانشيتات الغد. أرنب الحوار في نسخته الثانية أخرجه بري لينقذ الجميع، من شارع ملتهب ومن مطالب محقة، ومن نفايات تكاد تختصر كل الأزمة. طاولة سيلتف حولها الجميع إلا أن الرئيس بري على هذه الطاولة لن يحمل مطرقة ولا نظاما داخليا لضبط النقاش، لكنه لا بد أنه سيحمل أرنبا جديدا يضعه أمام الجميع هو أرنب الاستقرار وحينها سينظر مبتسما نحو الجميع كل الجميع سائلا ومتعجبا: من يجرؤ على ذبحه؟!! «نبيه البرلمان» اللبناني سيكون على رأس الحوار لكن هل يكفي كل ذلك لينجح الحوار؟ تساؤل لا يتحمله رئيس البرلمان وحده، تساؤل ربما يحتاج لكثير من الأرانب وكثير من الحوار.