×
محافظة المنطقة الشرقية

العريف «المطوع»: كرمنا الله وزميلي «العتيبي» والشهيد «الحبيب» في التصدي للإرهاب

صورة الخبر

ليس من السهل قراءة المشهد الاقتصادي المستقبلي في المملكة على ضوء التغيرات الكبيرة التي تشهدها أسواق النفط، وتباين المزاج السياسي العالمي تجاه منطقة الشرق الأوسط، إلا أن فكرة دفع الاقتصاد السعودي ليعمل داخل المعادلة العالمية يمكن أن يقلل من حجم المخاطر. واحدة من الوسائل العملية المجربة حول العالم هي إيجاد الانسجام مع محركات الاقتصاد الدولي، والذي تهيمن عليه اليوم الشركات الكبرى متعددة الجنسيات والتي تقود قطاعات الصناعة والتوزيع وتجارة التجزئة حول العالم، وقبل ذلك تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وغيرها. بمعنى آخر فإن اتجاه السعودية لفتح السوق أمام الشركات الأجنبية مباشرة بدلاً من نظام الوكالات يعد خطوة في الاتجاه الصحيح إذا ما أُحسن التخطيط والتعامل مع قضية اقتصادية كبرى بهذا الحجم، وقبل ذلك دراسة التجارب الأخرى كالدول الآسيوية مثل اليابان والصين وتايوان وغيرها لوضع هدف استراتيجي واضح من وراء هذه الخطوة. التجارب الآسيوية في نقل التقنية من الغرب إلى الشرق كانت ناجحة أولاً لوضوح الرؤية، فتحليل الموقف الخاص بها يشير إلى عامل قوة هام وهو قدرتها على الإنتاج بتكاليف رخيصة؛ نظراً لرخص العمالة وخاصة المهرة فضلاً عن اليدوية، وهذه الإمكانات غير متوفرة في الغرب. هذا الانسجام الواضح مع رغبات الشركات المتعددة الجنسيات التي تمكنت من عرضه على تلك الدول يستند لعوامل القوة التي تمتلكها وهو ما أدى إلى ما يشبه المقايضة غير المعلنة بمنح الشركات أسعارا تنافسية مقابل تصدير التقنية لهذه الدول، والتي تمكنت فيما بعد من مزاحمة هذه الشركات مستفيدة من تساهلها في أنظمة حقوق الملكية. في السعودية الثقافة والحالة مختلفة تماماً وهو ما يجعل من الضرورة دراسة عوامل القوة من جانب واحتياجات هذه الشركات من جانبٍ آخر، لتحقيق انسجام يخدم الطرفين بصورة متكافئة، ويشجع الشركات الدولية العملاقة على اتخاذ المملكة مقراً لها، ومن ثم نقل التقنية. فكرة الوكالات للأمانة لم تخدم السعودية بل كانت بمثابة الحاجز أمام وصول التقنية تحت وهم حماية الأسواق المحلية من سيطرة الشركات الدولية، لكن الناتج هو أن الشركات الوكيلة ساهمت في زيادة الأسعار على المواطن، وزيادة حجم العمالة غير الوطنية وأخيراً لم تقم بأي خطوات لنقل التقنية إلى المملكة بالرغم من إغراق السوق بالمنتجات الأجنبية. لكن المهمة التي على عاتق الجهات الحكومية المسؤولة اليوم هي أن تنظر بموضوعية لعوامل القوة المتوفرة على سبيل المثال القوة الشرائية، الموقع المثالي، المركزية للعالم الإسلامي، توفر إمدادات النفط، والبيئة الصالحة للاستثمار في الطاقة المتجددة، وعوامل أخرى، وبنفس الأهمية لا بد من دراسة عوامل الضعف أو الطاردة للأجانب كالبيئة المحيطة، ضعف إدارة وتطوير الموارد البشرية المناسبة.... إلخ. ومن المهم في هذا السياق الاستفادة من تجربة شركة ارامكو السعودية التي هيّأت بيئة مناسبة للأجانب للعمل في السعودية؛ مما أسهم تدريجياً في نقل التقنية للشركة وارتفاع نسب السعودة إلى أن تكون الغالبية العظمى من موظفيها لا سيما المهرة اليوم، وهو ما يعني أيضاً نجاحها في تأهيل كوادر سعودية ملتزمة وخبيرة تحصل في مقابل عملها على دخل يناسب الحياة المعيشية في المملكة. على كل حال فإن التوجه نحو فتح السوق السعودي أمام الشركات الأجنبية في وقت تمر به المملكة بتحديات كبيرة على الصعيد الاقتصادي قد يمثل أحد الحلول الواعدة، متى ما خضعت هذه الإستراتيجية للدراسة واتخذت التدابير الملائمة لإفادة الاقتصاد السعودي والمواطن ثم الالتزام بمعايير دقيقة للتطبيق على أرض الواقع.