واشنطن- تتنافس محطات تلفزيونية فضائية ذات أجندات سياسية مختلفة على استمالة عقول وقلوب ملايين السوريين الذي يواجهون مستقبلا مجهولا، حيث تدور حرب أهلية تدمر سورية منذ ما يقارب السنتين، وتقدّر الأمم المتحدة أن أكثر من 60 ألف شخص قتلوا فيها، ولا تبدو في الأفق نهاية لها.لكن وفي الوقت نفسه، هناك حرب أخرى دائرة، وهي بين الإعلام الرسمي السوري من جهة وأكثر من عشر محطات إخبارية مستقلة تعمل داخل سوريا وخارجها.وقد عمل الرئيس السوري بشار الأسد ما بوسعه لتقييد الإنترنت الذي يستخدم كسلاح ضده، فبعد أن تولى السلطة بدأ بملاحقة المواقع التي تسبب له المشاكل، وفيما بعد حظر مواقع فيسبوك ويوتيوب وتويتر والعشرات من وسائل الإعلام التي تنقل الأخبار والتحليلات السياسية.وقد ناضل الناشطون المعارضون في المقابل، فاستخدموا مواقع البروكسي والبرامج التي تحجب هوية المستخدم وتسمح للمواطنين بنشر لقطات الفيديو على يوتيوب وتغريدات بـ140 حرفا إلى جمهور عالمي.غير أن التلفزيون لا يزال ميدانا رئيسيا في الصراع الإعلامي حول مشاعر السوريين، وقد برزت مجموعات خارجية جديدة لتقدم أكثر مما توفره البرامج التلفزيونية المدعومة من الحكومات. فهناك محطات جديدة تقدم برامج دورية تغطي الحرب الأهلية من الساحة مباشرة، إضافة إلى قدر كبير من فيديوهات يوتيوب عن الثورة.فتغطية الحرب الأهلية السورية موجّهة الآن "وعلى الأغلب في المستقبل" من قبل رجال الأعمال والحكومات والمنظمات غير الحكومية في الشرق الأوسط وأوروبا والولايات المتحدة، فهم من يقررون ما ينشر على المحطات من أخبار وآراء إلى داخل سورية.ويقول مالك العبدة، وهو صحفي سوري ومحلل مقيم في لندن لإذاعة "صوت أميركا" "هناك أموال هائلة ترسل إلى القنوات التلفزيونية. والكثير من هذه الأموال وراءها أجندة سياسية تهدف إلى دعم نوع معين من القيادات السياسية في هذا البلد".وكان العبدة مستشارا لبرنامج وثائقي أعده تلفزيون نظام البث العام الأميركي بعنوان "سورية: تحقيق متخفٍّ". ويقول إن هذه القنوات التلفزيونية تشترك في هدف التخلص من الأسد، لكنه يشير إلى أنها حتى الآن لم تبذل جهدا للتنسيق مع المعارضة السورية السياسية أو العسكرية.وتصل المحطات التلفزيونية العربية الرئيسية مثل الجزيرة والبي بي سي والحرة والعربية إلى نحو 22.5 مليون مشاهد سوري لتغطي أخبارا عن سورية وباقي الشرق الأوسط. غير أن هناك 10 محطات أخرى على الأقل تبث من استديوهات في لبنان ودبي ومصر وبريطانيا وتركز فقط على سورية ومستقبلها السياسي.فقبل أن تبدأ الثورة، كانت قناة "بردى" تبث من لندن، بمساعدة مالية أميركية، برامج عن أهمية الإصلاح السياسي. وقد كانت قناة "المشرق" التي يمولها رجل الأعمال غسان عبود تبث من دمشق في 2007 لكنها انتقلت إلى دبي بعد أن داهمتها قوات الأمن الحكومية عام 2010.ومعظم هذه القنوات تعارض الأسد بشكل واضح، لكن واحدة منها على الأقل تحاول أن تظهر بعض الحيادية، وهي قناة "الميادين" التي أسسها غسان بن جدو، الذي كان يعمل مديرا لمكتب "الجزيرة" في بيروت، وترك "الجزيرة" ليدير "الميادين" من لبنان، ويرسل صحفيين لتغطية عمليات قوات الأمن التابعة للأسد.وتبث القنوات من داخل سورية مباشرة إلى أنحاء البلاد، أما القنوات الخارجية فتعتمد على إشارات القمرين الصناعيين: عربسات ونايلسات. وقد قامت جامعة الدول العربية بمنع التلفزيون الرسمي السوري من بث أخباره باستخدام عربسات، وقام نايلسايت التابع لمصر بالشيء نفسه، مما أسكت وجهة نظر الأسد حيال الصراع وزاد من عزلة حكومته عن العالم.أما خارج نطاق البث عبر الأقمار الصناعية، هناك محطات تلفزيونية جديدة بدأت تعمل من داخل الأماكن التي يسيطر عليها الثوار في حلب ودير الزور. وما تبقى من القنوات التلفزيونية المحلية يتألف من قناة دنيا، وهي قناة خاصة موالية للأسد، وعدد من القنوات المتخصصة الأخرى التي تبث برامج دينية أو أعراس، وهناك قناة تركز على الدعم المعنوي لليبيين المهجّرين بعد الإطاحة بالزعيم السابق معمر القذافي.وقد كان جزء كبير من البرامج التلفزيونية المعارِضة التي تبث للسوريين تركز على حوارات ونقاشات بين السوريين في المنفى المعارضين للأسد، أما الآن فتقول إحدى هذه المحطات، قناة "بردى"، إنها جاهزة لإجراء تغطيات إخبارية الشاملة من المناطق التي يسيطر عليها الثوار.ويقول أيمن عبد النور، رئيس القناة "سوف نرسل مصوّرين، لدينا منذ الآن أناس جاهزون بكاميرات فيديو، سوف نقابل الناس داخل سورية ونكشف ما يحصل هناك".وعبد النور من الأصوات المعروفة بين المعارضين السوريين، وهو متفائل بشأن الجمهور التلفزيوني في سورية إذ إن أطباق الأقمار الصناعية منظر شائع على أسطح المنازل. ويقول: "هناك سوق كبيرة جدا لأن الناس جميعهم مهتمون بالسياسة، هم سي