×
محافظة المدينة المنورة

إنشاء موسوعة بمختلف اللغات ومشاركة علماء غربيين

صورة الخبر

ليبيا مع القذافي كانت في صراع عالمي مزمن ، ومع الثورة في إشكال ومشكلة، وبالرغم من قلة شعب على مساحة هائلة توفر له العيش الكريم ووحدة الوطن، اختلط فكر الماضي، مع القبيلة وتعدد الولاءات فأصيبت بحمى مزمنة، ولا أحد يعرف أين المخرج، فكلّ يغني (بنَايِهْ) ما بين متاهات الصحراء، والأجزاء الحضرية التاريخية.. الفراغ الأمني هو إحدى القضايا الخطيرة التي تركته بعض دول الربيع، وهي إلى حد بعيد تشبه وضع العراق بعد أن حُل جيشه وقواه الأمنية حيث سيطرة الشارع المتعدد الاتجاهات والذي تقوده عناصر طائفية، وقبلية وحزبية وقوى التطرف الإسلامية الأخرى، ولم يبق هناك ملاذ آمن إلا المواقع الكردية.. ليبيا حولتها الفوضى المسلحة من أنصار الشريعة، ومليشيات القذافي، والقاعدة، بتحالف بعضها مع القبائل التي أصبح القتل على الهوية ذات المشكل العراقي إلى حروب، ومع أن ليبيا ليست دولة أقليات غير متجانسة، إلا أن الظروف صنعت اتجاهات تلك العناصر المتحاربة، والمعضلة الليبية أن الجيش النظامي لم يكن بالقوة حيث كان القذافي يعتمد على تشكيلات كتائبه الخاصة في وقت تم تهميش العنصر العسكري النظامي، وقطعاً بقيت جيوبه التي توفرَ لها السلاح والمال تلعب دور المؤثر في سياق الدولة ما بعد الدكتاتورية.. روائح النفط بدأت تصل إلى أنوف المسؤولين الأمريكيين والبريطانيين وبقية دول التحالف الأوروبي بمحاولة التدخل السريع لتثبيت النظام ومساعدته، في فرض النظام الديمقراطي لإعادة الحرب السابقة بإزاحة القذافي، وهنا تتضح الصورة وتنكشف النوايا، وبأن هذه الدول لا تدفعها قيمها الأخلاقية، أو ما تدعيه بإنقاذ الشعوب، بل المصالح والمكاسب، وإلا كيف تتناقض القوانين وتتلاقى مع ليبيا، وتنتفي وتعلل بالتردد ثم الامتناع في الحالة السورية؟ من الخطأ تقويم الأمور بأن السياسات تُرسم على حسن النوايا، فهذا آخر ما تضعه الدول في حساباتها، ولأن في ليبيا، شأن العراق، ما يغري ويدفع بالقوات العسكرية إلى أن تأخذ مواقعها حول آبار النفط لحمايتها من الفوضى، نجد أن النفس الاستعماري القديم والمتجدد لا يزول بفعل الزمن طالما مغريات الجغرافيا وخزائنها تفرض خلق المبررات، وهنا علينا أن نفهم أن المنطقة لا تشكل لتلك الدول العمق الاستراتيجي فقط، وإنما الثروات المتعددة، وخاصة في بلد مثل ليبيا يستحق المغامرة المحسوبة وغير المكلفة.. نحن ضد أن تسود الفوضى والإرهاب، ولكن لو لم تكن الموارد هي من أعطى الضوء الأخضر لاقتحام هذا البلد، لكان القتل على الهوية وبالوسائل المتعددة لا يعنيهم، والسياسات القديمة والحديثة رُسمت على نهب الثروات لا رعايتها، حتى إن الهند سميت درة التاج البريطاني لأنها مصدر بناء بريطانيا سواء من خلال مواردها أو تسخير شعبها للقيام بالبناء والتشييد، والعودة لليبيا ترتكز على نفس المبررات مع أن السيد أوباما حرّم على بلده الدخول في أي نزاعات عسكرية زاعماً أن آخر حروبها مع أفغانستان والعراق، لكنه لو لم يعلن تدخله بأي صفة كانت لثار عليه الكونجرس والشركات الاحتكارية الكبرى بإضاعة فرصة هائلة في ليبيا، والمعيار هنا أن المحرم يصبح حلالاً طالما توجد المصالح التي هي من تقرر الأدوار، وتقدم التشريعات وتكسر الموانع، وفعلاً ليبيا هي البطن الرخو والذي من الممكن السيطرة عليه وحماية مصالح الغرب بشقيه الأمريكي والأوروبي..