بقلم : طلال حسين قستي مكتب عكاظ سفراء لقد تشرفت مجلة المبتعث بتغطية جميع لقاءات وحوارات الملك سلمان بن عبدالعزيز، حفظه الله، حينما كان أميرا لمنطقة الرياض التي تمت مع أبنائه المبتعثين في أمريكا عام 1400هـ، حيث كانت لقاءات مميزة انعكس نجاحها في القرارات الرسمية التي صدرت فيما بعد وأسهمت في زيادة العناية بالمبتعثين والخريجين عامة، وهي اللقاءات التي تمت في ثلاث مدن أمريكية تشرفت بالمشاركة فيها باعتباري رئيسا لتحرير مجلة المبتعث، فكان الحضور بالمئات من الإخوة المبتعثين والمبتعثات، كيف لا يشاركون؟! وهم في شوق شديد للقاء حاكم الرياض وأميرها الفذ. فكان الترتيب للقاءات بمشاركة الملحق التعليمي صبحي يحيى الحارثي أن يتم اللقاء الأول في دنفر، والثاني في لوس أنجلوس، والثالث والأخير في سان فرانسيسكو بحيث يفصل أسبوع واحد تقريبا بين كل لقاء وآخر، وعلى أساس أن هذه المدن تضم النسبة الأكبر من المبتعثين أو من الأماكن القريبة منها، علما بأن عدد المبتعثين في ذلك الوقت لم يتجاوز (15) ألف مبتعث ومبتعثة، وجميعها تمت في شوال من عام 1400هـ، أي منذ ما يقارب (36) عاما. فيا لها من ذكرى جميلة تشدني إلى الماضي غير البعيد، وللحقيقة أقول إن ما دار في تلك اللقاءات من حوارات تعد من (وجهة نظري) من الأمور الرائعة التي لم تحدث في حياة المبتعثين من قبل وحتى يومنا هذا!. ففي كل لقاء كان يمتد الحوار إلى عدة ساعات، وكان الملك سلمان، يحفظه الله، كالنهر المتدفق.. بالخير.. كالماء العذب.. حديثا.. وشرحا.. وإيضاحا.. وحيوية مفعمة بالإيمان لم يتردد ولو للحظة عن تقديم النصح والإرشاد والتوجيه لأبنائه وبناته وهم سفراء لبلادهم الغالية في أعظم بلدان الأرض حضارة معاصرة وقوة وتمدنا. وما زلت أتذكر حتى الآن نبرة صوته القوي وهو يشجع أبناءه المبتعثين على طرح الأسئلة وهو يقول حفظه الله: «من أراد منكم أن يسأل فليتفضل ويسأل.. وتأكدوا من الحقيقة التي أؤمن بها.. لن أجامل.. لن أخفي الحقيقة، بل صريحا معكم.. وسأكون واحدا منكم.. وأنا منكم على كل حال». بهذه الكلمات الأبوية الصادقة والمعبرة عن شعوره الوطني الأصيل، كان يحفظه الله يفتتح كل لقاء. وفي كل لقاء كان يحتشد المئات من المبتعثين والمبتعثات كما قلت للقائه والاستماع إليه وإلى أحاديثه ونصائحه وتشجيعه لهم.. وبهذه المناسبة أشير إلى أن من كان يدير تنظيم عملية الأسئلة والتنقل بالمايكرفون بين الحضور بعض من أصحاب السمو الأمراء ممن كانوا يدرسون في أمريكا في ذلك الوقت، وكان في مقدمتهم أصحاب السمو الأمراء: فهد بن سلمان (رحمه الله)، وسلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، ونواف بن محمد. ولتأكيد أهمية اللقاءات وما يترتب عليها من الفوائد للمبتعثين، أذكر أنه، حفظه الله، قال في اللقاء الثالث بسان فرانسيسكو وأثناء الحوار إن سمو ولي العهد آنذاك، الملك فهد بن عبدالعزيز طيب الله ثراه قد اتصل به تليفونيا قبل بدء الاجتماع وأبلغه بتوجيه جلالة الملك خالد (طيب الله ثراه)، أن يرفع له مشاكل المبتعثين كافة حتى يتبناها بنفسه شخصيا.. ولأن المجلة كانت الجهة الإعلامية الوحيدة التي سجلت وغطت اللقاءات وسمح لها بنشرها، فقد تم بحمد الله نشر تغطية كاملة لتفاصيل ما دار في هذه اللقاءات في العددين الخامس والسادس من السنة الثانية لشهري ذي القعدة وذي الحجة لعام 1400هـ.. وتمتعت بحصرية النشر، وذلك بموجب الموافقة الكريمة منه حفظه الله، فتم لها ذلك.. وبطبيعة الحال أصبحت المجلة مصدرا تستقي منه الصحف السعودية أخبار تلك اللقاءات، لتنشر أجزاء منها في مطبوعاتها، وأشير في هذا الخصوص إلى جريدتي الرياض والجزيرة. في تلك اللقاءات أعطى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، يحفظه الله، أروع الأمثلة للمسؤول المخلص الحريص على توجيه ورعاية أبنائه.. أبناء هذا الوطن الغالي أينما كانوا ماضيا وحاضرا، ولعله قد تتاح لي الفرصة مستقبلا لإبراز تلك الحوارات المهمة التي تجاوز حجم مادتها (60) صفحة من الحجم العادي للمجلة، في سجل خاص إن كان ذلك ممكنا فقد كان فيها الكثير من الرؤى المشرقة والأفكار البناءة والكلمات الهادفة والمتميزة من قائد هذا الوطن وراعي نهضته ومسيرته التنموية الشاملة حفظه الله وأيده بنصره وتوفيقه. واليوم ونحن نعيش في الحاضر الزاهر لا بد أن نستحضر ذكرى تلك اللقاءات بمناسبة زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، للولايات المتحدة الأمريكية، وهي الزيارة الرسمية الأولى منذ توليه الحكم لهذا البلد الصديق. * رئيس تحرير مجلة الحج والعمرة