×
محافظة المنطقة الشرقية

وفد من أهالي الأحساء يزور مصابي بقيق

صورة الخبر

كي نستطيع اتخاذ القرارات السليمة في اختيار الوسائل المناسبة لتمويل العجز في الميزانية العامة للدولة للعام المالي الحالي 1436 / 1437 وربما كذلك في ميزانية العام المالي الذي يليه 1437 / 1438 يجب علينا منذ البداية أن نعترف بأن ايرادات الميزانية العامة للدولة تأتي بحوالي 90 % محاسبيا (100% اقتصاديا) من استخراجنا وبيعنا للبترول في الأسواق العالمية. العبارات المذكورة أعلاه تعني أن انخفاض سعر برميل البترول المخصص للميزانية الذي تبيعه ارامكو في الأسواق العالمية نيابة عن وزارة المالية (باعتبارها المسؤولة عن خزانة الدولة) سيؤدي تلقائيا الى انخفاض ايرادات الميزانية دولار بدولار في انخفاض سعر برميل البترول. فعلى سبيل المثال: إذا افترضنا (نكرر افتراض) أن عدد البراميل المخصصة للميزانية سبعة ملايين برميل في اليوم ثم انخفض سعر البرميل الواحد بدولار واحد فإن انخفاض ايرادات الميزانية الفعلية ستكون تلقائيا سبعة ملايين دولار (26.25 ملايين ريال) في اليوم الواحد. أي حوالي 9.58 مليارات ريال في السنة نتيجة لانخفاض سعر برميل البترول بدولار واحد فقط فما بالكم عندما ينخفض سعر البرميل بعشرة أو عشرين أو حتى 50 دولارا كما حدث في الانخفاض المفاجئ من أعلى من 100 دولار في منتصف عام 2014 الى حوالي 50 دولارا منذ بداية عام 2015 الى يومنا هذا. هذا المثال يوضح لنا مدى أهمية استقرار أسعار البترول بالنسبة لتقديرات إيرادات الميزانية ولكن استقرار أسعار البترول ليس هو في يد وزير المالية وانما يتقرر في الأسواق العالمية وفقا للتقلبات الاقتصادية والسياسية والعسكرية إضافة الى تقلبات الطبيعة وهي فوق تصرفات البشر. وصلنا الآن الى النقطة المحورية (حجر الزاوية) وهو أن الخيار المتاح أمام وزارة المالية هو: اما السحب من الاحتياطي الوقائي (لذي تقتضي الحكمة ان لا يتم السحب منه الا في حالات الضرورة القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة) أو الاستدانة من البنوك المحلية. لقد بلغ اجمالي أصول ساما (حجم ما يسمى: صندوقها السيادي) في منتصف عام 2014 حوالي 2.78 تريليون ريال ثم انخفض في منتصف عام 2015 الى حوالي 2.51 تريليون ريال بنقص قدره حوالي 270 مليار ريال (أي بنسبة 10% تقريبا). لكن الذي يهمنا هنا ليس حجم الصندوق السيادي الإجمالي وانما فقط حجم الاحتياطي العام للدولة الذي كان في منتصف عام 2014 حوالي 851.83 مليار ريال ثم انخفض الى 659.52 مليار ريال في منتصف عام 2015 بنقص قدره حوالي 192.31 مليار ريال (أي بنسبة 23% تقريبا). واضح كل الوضوح ان انخفاض اجمالي اصول الصندوق السيادي لساما هو أكثر شيء يرجع الى انخفاض أصل الاحتياطي العام للدولة وهذا يقودنا للسؤال هل ذهب هذا السحب (وقدره 192.31 مليار ريال) من الاحتياطي العام للدولة الى تغطية عجز الميزانية؟ الجواب (وهو تخمين علمي من بنات أفكاري) أنه لا لم يذهب – ولا ينبغي له أن يذهب – لتغطية عجز الميزانية لأن الطريق الامثل لتغطية عجز الميزانية في وضعنا الراهن هو الاقتراض من البنوك المحلية (كما فعلت وزارة المالية). أما الاحتياطي العام للدولة فيجب (وهذا رأي شخصي) ان لا تسحب منه وزارة المالية الا لتغطية الحالات (الطارئة) الضرورية القصوى المتعلقة بالمصالح العليا للدولة. قد يحلو لبعض الذين سبق أن قرأوا بعض مقالاتي السابقة التي تطالب بإصدار أذونات خزانة وطرحها للجمهور (مواطنين ومقيمين) مباشرة وليس عن طريق البنوك أن يسألوا ما الذي تغيّر؟ من حق هؤلاء أن يعرفوا الجواب وهو: ان الظروف التي تمر بها ظروفنا المالية الراهنة ليست هي الوقت الملائم الآن لنخوض تجربة جديدة لا نعرف مدى نجاحها.