متابعة، لما تطرقنا اليه عن مشاريع الدفان البحري في مقالات سابقة، نود أن نعبر عن شكرنا وتقديرنا لجهود المجلس الأعلى للبيئة والطاقم المناط له دراسة التقويم البيئي والمتابعين للرقابة على عملية الدفان ونوعية المواد المستخدمة في هذا الدفان. نحن لا نشك في عمل المجلس، بل على علم بما يقوم به من جهود عظيمة وكبيرة من المراقبة الدؤوبة، في مثل هكذا مشاريع، لكننا في الوقت نفسه من واجبنا توعية الناس بأضرار الدفان والطرق المناسبة لتقليل مشاريع الدفان. من هذا المنطلق، ندعو لِتقنين تراخيص الدفان، لما له من آثار على البيئة البحرية، وما يترتب عليها من انحسار مخزونها السمكي وانقراض بعض الأحياء المائية منها، خاصة الأسماك الذي يعتبر الغذاء الرئيسي للمواطن. ليس لدينا اعتراض على مشاريع الدفان المتعلقة بالمصلحة العامة كبناء مشاريع الاسكان، أو التوسع العمراني لخدمات الدولة كبناء محطات الكهرباء والمجاري، أو محطات للطاقات المتجددة أو بناء وزارات حكومية جديدة، أو تشييد جسور علوية تخدم المواطنين، أو حتى تشييد مصانع استثمارية تصب في الدخل القومي. ما نود تقنينه أو ما نختلف عليه، لا تُقدم مصلحة جهة نافذة على المصلحة العامة، فلا نقبل كناشط بيئي، مثلا تدمير ساحل بحري لجهة خاصة، كما لا يجوز توزيع أراض في مناطق تعتبر محمية للتنوع الحيوي كما حصل لخليج توبلي، بل من المفترض زيادة عدد الخلجان الذي يعتبر حسب علمي، الهم الوحيد لتوجه المجلس في السنوات القادمة، وبهذه المناسبة نشكر المجلس على ما يقوم به من مشروع زراعة أشجار القرم في خليج توبلي. للتوضيح: الهدف من طرح هذا الموضوع سابقا الدفان البحري، لتثقيف المجتمع بمخاطر وآثار الدفان، ونحن من وجهة نظرنا كمختصين، نرى أن التقنين هو الأسمى والأفضل بحيث يجب تشديد الشروط اللازمة لتراخيص الدفان البحري، كالتعويض المجزي للبيئة عن المساحات المراد دفنها، وذلك لاستخدام هذه الضرائب في اعادة ترميم البيئة البحرية ومعالجة الأضرار اللاحقة جراء هذا الدفان، أو عمل مشاريع تصب في خدمة البيئة كمشاريع المحميات وزيادة المساحات الخضراء باستزراع الأشجار الشاهقة، والاستزراع السمكي. كذلك من شروط التقنين مواقع، ووقت الدفان، فلا نقبل أن يتم الدفان في أي مكان، فمثلا لا يجوز الدفان في مناطق استرزاق الناس أو السواحل العامة المتنفس الوحيد لخلق الله. من ينظر لمصلحته، يجب وضع حسبان الهم المجتمعي في أولوياته، فهذا مهم، لاستقرار الناس والبلد على حد سواء، لذا لا نقبل أن تدمر بيئتنا البحرية من أجل نظام استثماري على حساب المصلحة العامة كما ذكرنا آنفاً، كما لا نرضى كمواطنين أن تقفل السواحل المناطقية لصد الباب في وجه التوسعات العمرانية للمناطق أو استرزاق المواطنين. ] د. أحمد العنيسي