أفلام الرعب تجارة نشطة في هوليوود، وأيضا هي سلعة رائجة في محطاتنا التلفزيونية خصوصا أفلام مصاصي الدماء. وهم صنف من البشر يؤمن عدد كبير من الناس بوجودهم فعلاً، وبأنهم يعيشون آلاف السنين، وينامون نهارًا داخل توابيت، ويستيقظون ليلاً ليمارسوا نشاطهم. الأفلام جيدة الصنع من ناحية التمثيل والإخراج، غير أن عيبها الوحيد هو بلاهة ما تقدمه من أفكار. إلى جانب البلاهة وما تشكله من خطر، هناك عدد كبير من البشر يستقون معلوماتهم من شاشات السينما والتلفزيون، وبذلك يزداد كل يوم عدد من يؤمنون بوجودهم. هذا ما كنت أفكر فيه وأنا أشاهد بعد منتصف الليل أحد هذه الأفلام.. فوجئت بوجودي داخل أحداث الفيلم؛ البطلة الحسناء تقترب مني بشفتيها، يا لحظي الطيب.. وفي جزء من اللحظة غيرت شفتاها اتجاهها واتجهت إلى رقبتي.. غرست أسنانها في لحمي.. من الواضح أنها خبيرة في معرفة خط سير الأوردة. بعد أن امتصت كفايتها من دمي، قالت لي هامسة: «مبروك.. أنت تحولت الآن إلى مصاص دماء.. مبروك». قلت لها: «أنا أرفض ذلك.. لن أعض أحدًا ولن أمتص دماء أحد.. أنا من عشاق شوربة العدس، وسأظل بشريًا ضعيفًا إلى الأبد، وسأعالج نفسي من تلك العضة فورًا..». طلبت سيارة إسعاف لتنقلني إلى مستشفى قريب. طلب السائق بقشيشًا.. كنت مفلسًا، فاعتذرت له. فوجئت به يهجم بشفتيه على رقبتي، لاحظت أن له أنيابًا.. عجزت عن المقاومة.. ألقى بي على الرصيف أمام المستشفى.. الحمد لله ما زالت مصر غنية بأولاد الحلال، بعض هؤلاء نقلني إلى داخل المستشفى في قسم الطوارئ. قلت لهم: أنا فلان، لم يعرفني أحد.. رحب بي طبيب شاب واحتضنني.. قبّلني في رقبتي، ثم غرس أسنانه في مكان استراتيجي فيها.. أدخلوني عند مسؤول الحسابات، قلت له: لن تجد مكانًا في رقبتي صالحًا لتمتص منه ولا حتى ربع كوب.. قال لي: عندك حق. ثم هجم على كتفي.. يا إلهي.. أي جوع يعاني منه هؤلاء السادة. كما قلت لك من قبل: أولاد الحلال كثيرون.. ممرضة ابنة حلال اعترضت على سلوكه لأن الكتف من اختصاص أقسام أخرى، نقلتني إلى غرفة العناية. بدأت أتساءل: هل هذا يحدث لي فعلاً أم هو كابوس؟ الممرضة كانت جميلة جدًا، مما يرجح أن ما أمر به كابوس. قالت لي: كتفك فيه ملامح من الفخذ البتلو.. الله طعم قوي.. الحمد لله، هي ليست من مصاصي الدماء، هي فقط من آكلي لحوم البشر.