لن اقول سافروا ففي الاسفار سبع فوائد ولا حتى فائدة واحدة، حتى لا ينكسر خاطر من لم يسافر هذه السنة، للتمتع بالمناظر الخلابة والشلالات الهادرة، والطقس اللطيف، وأشياء أخرى، فهناك من يهتم بهذا الامر من مكاتب السياحة كما ان لكل منا شرعة ومنهاجا في السفر، الموضوع اكبر من ذلك فالسؤال من يعرف ان هناك امة على الخارطة الأممية اسمها (جورجيا) خاصة مع كل الاسف امة إقرأ لا تقرا، إلا ماندر، وبهذه المناسبة فقد شاهدت الكثيرين هناك، ولا اعمم إذا قلت ان اكثرهم يزايد على الناس من القابقين في حر بلادي الحبيبة ويفاخر عليهم بأنه ذهب الى مناطق باردة .. وما اكثر هؤلاء .. ليتهم فقط عادوا بما يشفي الصدور من معلومات عن هذا الشعب، الذي عانى ما عانه من ويلات وظلم تحت الحكم السوفييتي البغيض، والغريب في الامر ان من قتل ابناءهم واستحى نساءهم ينتمي الى اصل جلدتهم وتعلم لديهم وترعرع الا وهو (جوزيف ستالين) ولننظر الى اسمه جوزيف التي اصلها يوسف، كنسخة من كلمة جورجيا فيال المفارقة اللطيفة. ولكن لا ننسى ان اصل يوسف أيضا هو (يؤسف)، وغالبا ما ياتي مككلا بالحزن كما في قصة يوسف عليه السلام وهذا ليس بموضوعنا.. ومن الاطرف بل الاغرب ايضا هو ان يشيدوا له متحفا خاصة به، والمتاحف تشاد عادة لعدة اشياء متنوعة تراثية وليست شيئا واحدا، والاغرب الاغرب هو ان تبكي الشعوب الروسية وخاصة الجورجية عليه بعد وفاته مع انه قتل من قتل وشرد من شرد من أهاليهم وأقرب المقربين إليهم، حتى قيل انه بلغت الضحايا عشرين مليونا بالطبع بمشاركة من الطاغية الآخر هتلر وما أدراك ما ادولف هتلر بعضهم مات من فقد القمح الذي كانت تصادره الدولة ولا تترك للناس شيئا ليعتاشوا منه بالرغم من انهم هم الزارعون له باجسادهم الهزيلة، والعجب العجاب ان من تقدم للاشادة به في الساحة الحمراء في حينه طفلة طليعية قد قتل ستالين امها.. فقط لأن أفكارها ضد أفكاره.. ولأن للقراءة فضل على الإنسان منا ولا فضل له عليها كما يعتقد البعض فقد اضطر الفقير الى الله ان يقاطع المرشد السياحي بين فترة وأخرى كلما تلا علينا شيئا عن ستالين، ولكن بالطبع بكل لطف ولباقة، منها انه ذكر ان ستالين كان بارا بوالدته ولم يكن جبارا شقيا، فاضطررت الى الرد عليه بأنه كان عكس ذلك، بدليل انه لم يراها الا مرتين بعد مغادرته منزل العائلة، لاختلاف وجهات النظر فيما بينهما لأنها كانت تريده ناسكا وقسا كاثوليكيا حتى انها كررت ذلك عليه عندما صار زعيما للإتحاد السوفييتي، ولم تنبهر بما كان عليه من تألق وقوة خارقة. وموقف مماثل مع شخص لطيف آخر له طرف في السياحة هناك، في علمين مختلفين ركزا على مبنى واحد لم يستطع تفسيرا لهما.. وهذا بالطبع ليس شطارة بل بفضل القراءة المسبقة كما يفعل معظم الاجانب قبيل سفرهم إلى اي مكان في العالم كما ذكرنا آنفا، بالعكس لدينا تماما، حتى ان البعض يسخر ممن يقرأ عن بلد عازم السفر إليها قائلا لماذا تقرأ عنها وانت ستزورها، حيث لا يمكن الرد عليه في استنكاره هذا سوى بالصبر والحلم عليه لأنه مسكين! نعود إلى ستالين فقصص الموت والذعر يصعب تسطيرها هنا، كل ما نريد قوله ان هذه الدولة قد استيقظت من سباتها وتفلتت من القبضة الحديدية الستالينية، وهاهي تحاول الركض لتلحق بالركب العالمي على استحياء، بما فيها فتح المجال امام كل امم الارض لزيارتها دون فيزا او اية قيود. ولكن لا ننسى ان نوضح ان الشعب الجورجي بين محب وكاره له ويبدو ان محبيه اكثر، رغم الويلات التي الحقها به لأنهم رأووا فيه أنه رفع اسم الاتحاد السوفييتي الذي كانوا ينتمون له عاليا وعاقر الولايات المتحدة الأمريكية وسابقها في الارض والفضاء، عدا عن شواهد له على الأرض حتى أنه يقال ان متروا انفاق موسكوا لايضاهيه أي متروا في العالم إذ تكفي نقوش سقوفه التي اشرف على بنائها ستالين بنفسه، عدا عن الاقتصاد والطاقة النووية والبنية التحتية، مع أنه لم ينسى نفسه بحفر اعمق مخبأ في العالم قيل أنه لم يسكنه قط، بل كان تحرزا مستقبليا عليه ان يتخذه من الاحتياطات الكثيرة حتى ولو لم تستخدم كان يبرر تجهيزه بمن يحمل شمسية تحسبا لهطول الأمطار قبل ان تهطل. بقيت نقطة متعلقة بستالين بيت القصيد، لا نريد ان نتطرق إليها فقد فاتتنا رحلة العودة ولأول مرة في مشوار حياتنا الطويل والحمد لله وذلك في اغلبه بسبب رحلة الى متحف ستالين الذي لم نسلم من شره تماما كما حدث مع جورجيا والاتحاد السوفييتي الذي صار بعد ستالين في خبر كان، نعم لقد كان السبب 80 بالمائة يقع عليه وحده، حتى أن من في الخطوط من جميلات جورجيا انفجرن ضاحكين عندما قلنا لهم أن سبب فقدان الرحلة وتغريمنا مبلغا محترما لم نقتنع به حتى اليوم، كان بسبب المناضل ستالين، الذي ربما لو كان حيا لتحمل اعباء تلك الغرامة لا ندري، ونعتقد انه يفعلها ويدفع لأنه ممن يحب الفخر والمباهاة بإنجازاته. الآن سواء لجورجيا او لغيرها علينا كعرب ومسلمين بل وسعوديين كرام بالذات ابناء وطننا العظيم ان نتصرف في احسن حالاتنا وان نظهر بالشكل اللائق تماما لباسا وشكلا وحركة وتصرفا واحتراما وماديا فلا نبخس حق لأحد كائن من كان من اية ملة او دين او سحنة اوثقافة ولا نزدري احدا او ننتقصه شيئا مما يفخر به فنحن الذين اتينا اليهم ولم يأتوا إلينا، واول الجديرين بالاحترام هو السائق الذي لن يفهم كلمة عربية واحدة مما تقول، حتى ولو شتمته لا قدر الله، بل والعناية به وتقديم الاكل له من اطيب ما نأكل ولا نتركه مددا تضجره منا ونعطيه كل المال الذي طلبه بزيادة وليس بنقصان ابدا، فهم هناك يحفظون الجميل دائما ويعبرون عن ارتياحهم الذي ينعكس على اخلاصهم لنا. لماذا نذكر ذلك ولا مصلحة لنا البتة فيه؛ لأن في ذلك حفاظا على ماتبقي لنا من بلدان نستطيع ان نزورها بدون فيزا، بعد هذه التوترات في العالم عموما، وماذا فيها لو طمعنا بأن تفتح لنا كل أمم الأرض بلدانها وبكل رحابة صبر، ولكن ألا يتطلب منا هذا الكثير من العناية بتلك الأمم وتمثل الاخلاق الفاضلة في كل ما نرمي إليه أيا كان توجه المسافر إلى تلك البلدان والابتعاد عن الانتقاص من كرامتهم أو دعوتهم إلى مالم يتربوا عليه ذكورا وإناثا، بمعنى لكم دينكم ولنا دين.. نعود إلى الجورجيين فنقول لهم لكم كل الشكر لهذ التصرف وسماحة الخلق وفتح ابواب بلادكم، ولكل من حذا حذوهم وذلك لمن يحب السفر بالطبع، اما من لم يحب السفر الى الخارج فبلادنا فيها الكثير ورحلة الى اي من مدننا العامرة التي تزخر بالخضرة والهواء الطلق واختلاف المناخات لربما تفي بالغرض وتوفر الكثير من النقود وهذا احسن ما يعمله الانسان حيث القرش الابيض لليوم الأسود. ولا رأيتم إلا أياما بيض باذن الله تعالى. الدكتور ابراهيم بن عبد الرحمن الجوف الخبر