تابعت قنوات عديدة مرحلة تسجيل الناخبين في انتخابات المجالس البلدية التي بدأت منذ فترة. الأمر الذي يسيطر على كل التقارير هو محدودية عدد الناخبين الذي سجلوا في مراكز التسجيل. عزا البعض ذلك لمحدودية عدد من لم يسجلوا في الانتخابات السابقة، لكن آخرين رأوا أن الإقبال منخفض على هذه الانتخابات خصوصا أن للمرأة حق التصويت فيها، وهي فئة لم نشاهد أي معلومات إحصائية عنها بعد. ترجح إحدى النظريتين أنه عندما تبدأ الانتخابات الفعلية، سيتضح هل هناك عزوف أم لا، لكن ما أسباب عزوف الناس عن المشاركة، إن كان يوجد عزوف؟ التكهن بكون الناس لم يجدوا مبتغاهم في هذه المجالس قد يكون واحدا من أهم العناصر التي يتحجج بها من يرون أن هذه المجالس لم تقدم ما يشفع لها عند الناخب. هذه المجالس التي يغلب على نشاطها المشاركة في الافتتاح والتدشين، وإيجاد مكاتب لتلقي الشكاوى، وحضور مختلف المناسبات، ونشر اللوحات التوعوية عن أعمالها، لم تتمكن من كسب رضى المواطن. بل إن كثيرا من اللقاءات الجماهيرية تنتهي بوعود لا يمكن للمجلس أن يحققها بسبب القيود البيروقراطية على نشاطها، والربط المكاني والإجرائي لها بالبلديات. ثم إن كثيرا من هذه المجالس تكون برئاسة رئيس البلدية أو مسؤول آخر في المدينة وهو ما يدفع بها نحو الوظيفة الحكومية أكثر من ربطها بالرقابة والتوجيه للعمل البلدي. على أننا نلاحظ محاولات جادة في أحياء كثيرة لتكريس مفهوم المشاركة المجتمعية من خلال أنشطة تهم السكان وأسرهم وتستغل الإمكانات المتوافرة في الأحياء، بناء على دعم ورعاية رجال الأعمال والمحسنين ــ وهم كثر. هذه الاستثناءات تستحق من المجالس البلدية الدعم والتبني والنشر على مساحات المدن. تعمل أغلب المجالس تحت قيود كثيرة من البلديات، إذ تكون لها مساهمات في الخطط والميزانيات، لكنها لا تستطيع أن تضمن اعتماد المشاريع التي تقترحها لأنها لا تضمن إقرارها من المالية. كما أن انتشار الشعور بعدم فائدة المجالس وارتباطها في كثير من الأحيان بالجدة والقدرة المالية للمرشحين، يجعلها أقل تأثيرا وجاذبية في الساحة. الدور الأهم في تطوير مفهوم المجالس البلدية وتحقيق أهدافها يقع ضمن مسؤوليات وزارة الشؤون البلدية التي عليها أن تتنازل عن بعض صلاحيات البلديات لتعمل المجالس بكفاءة.