لا شك أن الكلمة في الإسلام لها وزنها وأثرها وأهميتها؛ وبرهان ذلك: أن الإنسان قد يدخل الإسلام بكلمة؛ وقد يخرج منه أيضًا بكلمة! وقد تفتح له القلوب بكلمة، وقد تنفر عنه بكلمة! لذلك شدَّدت الشريعة في ما يخرج من اللسان أو يكتبه القلم؛ والمقرر أن ما يفوّه به اللسان فهو مرصود عند رقيب عتيد.. ووسائل التواصل الاجتماعي من فيس بوك وتويتر ليست في منأى عن هذا كله؛ وقد أصبحت اليوم ولها من الانتشار والأثر والشغف بها الشيء الكبير والكثير؛ ففي كل دقيقة يدخل فئامٌ كُثر من المُغرِّدين والمُغرِّدات لينطقوا بما يختلج في صدورهم، ويسطّروه مكتوبًا، ثم منشورًا مُذاعًا؛ يطير في اﻵفاق ويحمله مُغرِّد عن غيره حتى يصل به إلى مدى لا يعلمه إلا الله! ولاشك أن هذه الكلمات عنوان لصاحبها، وتكشف إلى حدٍّ كبير عن: مستواه الفكري والثقافي بل والأخلاقي! والمُغرِّدون- فيما رأيت- أصناف؛ منهم من يكتب ليكتب فقط، فيأتي بالغث ولا يعرف السمين! وهذا إن لم يضر فهو لا ينفع؛ وآخر ينتقي ويصطفي طيب الكلام ودقيق المعلومات فيفيد ويستفيد؛ وثالث كما يُقال- يطير في العجة- يكتب كل ما يسمع من خبر أو إشاعة دون تثبت أو نظر في المصلحة أو المفسدة المترتبة على تغريداته أو إشاعته! وآخر من المتربصين لا همَّ له إلا تتبع تغريدات الآخرين ليكر عليها بالنقد والنقض، وقد يصل للتجريح والإساءة! ولكل وجهة هو مولّيها، وكل يحكي للناس عقله وخلقه وأدبه، فكل إناء بما فيه ينضح! وعمومًا: فإن التغريدة لا تنفك عن كونها مسؤولية شرعية وخلقية، وكل كلمة أنت محاسب بها، مسؤول عنها! ومما ينبغي الالتفات إليه: الاقتصاد في هذا الباب فمن كَثُر كلامه كَثُر غلطه! وأن لا ينشر إلا ما يحسبه مفيدًا أو جديدًا، وعلى الأقل ألاّ يكون ضارًا أو تافهًا! ويتجنّب الإساءة لشخصٍ أو جهة، فلا يشتغل بتلقف الأخبار دون تثبّت، ولو تثبّت فإن العلم بالشيء هل يلزم منه نشره وإشاعته؟! ﻻسيما إن لم تكن هناك مصلحة شرعية في ذلك. ومن ذلك: التخلّق بأدب النقاش والحوار، فبعض المُغرِّدين يضيق ويشتد على آخر لمجرد مخالفته له في فكرة أو توجُّه أو رأي! وكأنه نصّب نفسه معيارًا للحق! فالرأي الذي يقبل الاجتهاد إن شئت قبلته أو رددته أو ناقشته، ولكن: بأدب ولباقة وعلم دون تشنج وإساءة، فرب العالمين أمرنا بالعدل في القول مع كل أحد، وقال (وقولوا للناس حسنًا). ومن ذلك أيضًا: تقدير خصوصيات ورغبات الآخرين، فالبعض يضيق إن سألك ولم تجبه! وقد يستخدم هذه الوسيلة في أمور شخصية ليس هذا مكانها أبدًا! فكل إنسان حر في متابعة من يرغب، وهو في حل عن متابعة من لا يرغب؛ وليس في ذلك عيب ولا حرج. لقد بات هذا التويتر من الوسائل والمؤشرات على توجيه الرأي العام، أو بيان وجهة نظر أو طموحات الرأي العام، ولما ينشر فيه أثره على أرض الواقع! لذلك فإن استعمال هذه الوسيلة لا بد أن يكون بقدر كبير من العقل والتعقل والمسؤولية، وقبل ذلك وبعده مراقبة الله تعالى واستحضار خشيته وحسابه وقوله العظيم: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد). fhdg1423@hotmail.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (67) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain