الخوخ الياباني والذي عرف بالآوم أي الخوخة الجافة هذا النوع من الخوخ يختلف تماماً عن الخوخ المعروف الذي يعرف علمياً باسم Prunus armeniaca وهو الذي نتلذذ به في فصل الصيف. إنما خوخ اليابان والذي يعرف علمياً باسم Prunus mume هذا النوع لا تنضج ثمرته وهي على الأشجار بل تسقط في أواخر شهر مايو وتكون غير صالحة للأكل، بل سامة، إلا أن الشرقيين لم يتركوا هذه الثمار غير الصالحة للأكل بغير استخدام بل تمكنوا من استخلاص عدة منتجات منها ذات أثر قوي وفعال لصحة الإنسان. إن أكثر هذه المنتجات انتشاراً هو ما يعرف بمنتج الأومبوشي الذي يستخدم كغذاء ودواء والذي يستخدم على نطاق واسع في كل من اليابان والصين وكوريا. * كيف ينتج الأمبوشي من الخوخ الياباني ume؟ تبدأ شجرة الأوم اليابانية في الإزهار في آخر شهر فبراير حيث يكون الثلج ما زال مغطياً الأرض. وكثيراً ما شغلت الأزهار البيضاء الرقيقة لهذه الشجرة لوحات وقصائد الفنانين اليابانين كما يقول (ميثوكوشي) مؤلف كتاب (صيدلية المنزل – الغذاء والدواء ). تبدأ الأزهار في تكوين الثمار التي تكبر تدريجياً حتى أواخر شهر مايو، تقطف الثمار من على الأشجار قبل ان يصبح لونها أصفر ويمكن أن تعطي الشجرة الواحدة آلاف من الثمار ذات الطعم الشديد الحموضة. - تغسل الثمار الطازجة بعد قطفها ثم توضع فوق طبقة من الأرز كي تجف في ضوء الشمس وتترك طوال الليل حتى تصبح طرية بتأثير الندى. تكرر هذه العملية لعدة أيام حتى تصفر الثمار وتظهر عليها تجعدات كثيرة. عندها تعبأ هذه الثمار في براميل كبيرة ويضاف إليها الملح البحري الخام وتغطى بشيء ثقيل حيث تبدأ الثمار في الانكماش بتأثير كل من الملح والضغط عليها فتتجمع عصارتها في قاع البراميل، ولأن الثمار قد تم تجفيفها جيداً فإن هذه العصارة لا تغطي الثمار نفسها. عندما تعبأ الثمار في البراميل يضاف لها أوراق نبات الشيزو Shio البنفسجية (الشيزو تعني البنفسجية) التي يتم فركها مباشرة بعد قطفها لتكسير بنية خلايا الأوراق وبهذه الطريقة يظهر لونها ذو الصبغة الحمراء الداكنة بسرعة عندما توضع بين الثمار في البراميل، وهذه الصبغة هي التي تكون لون الأومبوشي وتكسبه نكهة مميزة ، وأوراق الشيزو تعمل كمادة حافظة علاوة على ما تكسبه من نكهة. وتحتوي أوراق الشيزو على مادة الدهيدبيريلا Perilla aldehde والتي اثبتت الدراسات احتوائها على قوة حافظة تفوق ألف مرة المواد الحافظة الصناعية التركيب، إن أوراق الشيزو غنية بمادة الكلوروفيل وفيتامين أ، ب2 المركب وفيتامين ج وهي غنية بالمعادن مثل الحديد والفوسفور والكالسيوم، كما تحتوي على حمض اللينوليك ذي القدرة على تفتيت الكولسترول. ولأوراق الشيزو آثار طبية عظيمة فهي تهدئ الجهاز العصبي وتفرز العرق وتدر البول وتنشط الجهاز الهضمي. بعد وضع الثمار والملح وأوراق الشيزو داخل البراميل ووضع ثقل فوقها، تغطى البراميل وتترك لمدة ستة أشهر على الأقل ويمكن تخليل الأومبوشي لمدة أطول من ذلك بكثير حيث أنه يصبح أفضل كلما ترك لمدة أطول، فالأمبوشي المخلل لمدة ستة أو سبعة سنين ذو قيمة كبيرة فقطعة واحدة منه يمكن أن توقف الإسهال فوراً. يقول (ميشيوكوشي) لقد نجح الناس قديماً في تحويل ثمرة غير صالحة للأكل تخرجها الطبيعة إلى تابل لذيذ الطعم ذي فوائد طبية كبيرة. ولقد اعتاد الناس على النصح بتناوله في حالات الإصابة بالتسمم الغذائي، وتلوث الماء والأزمات القلبية، والإسهال والإمساك، ومتاعب إفراز المعدة (زيادة أو نقص حمض المعدة) والصداع وغيرها. كما أنه معروف بقدرته على منع أو تأخير تخمر الأرز المطهو ويعود السر في هذا إلى فهم مبدأ (الين) و(اليانغ) فإذا نظرنا إلى الآوم وإلى عملية صنع الأومبوشي من منظور (الين) و(اليانغ) يمكننا بسهولة أن ندرك أهمية هذا المنتج. * ما هي فوائد الأمبوشي الطبية؟ - إذا نظرنا إلى مكونات ثمار الآوم لوجدنا أنها تحتوي على بروتينات ودهون ومعادن ضعف ما تحتويه غيرها من الفواكه حيث أن ثمرة الآوم تحتوي على 65 ملليجراما من الكالسيوم مقارنة بالتفاح الذي يحتوي فقط على 3 ملليجرامات والفراولة التي تحتوي فقط على 13 ملليجراما والخوخ الذي يحتوي على 3 ملليجرامات فقط. ومعدن الحديد الموجود في الآوم بنسبة 130 ملليجراما على عكس التفاح الذي يحتوي 7 ملليجرامات فقط والفراولة التي تحتوي على 17 ملليجراما فقط، والخوخ الذي يحتوي على 13 ملليجراما فقط. أما معدن الفوسفور فيوجد في ثمار الآوم بنسبة 2.7 ملليجرام بينما يوجد في ثمار التفاح بنسبة 0.2 ملليجرام فقط وفي ثمار الفراولة بنسبة 0.5 ملليجرام وفي ثمار الخوخ بنسبة 0.3 ملليجرام. كما أن ثمرة الآوم غنية جداً بالأحماض العضوية وبالأخص حمض الستريك وحمض الفوسفوريك أكثر من غيرها من الفواكه ولا تتحلل هذه الأحماض أثناء عملية التحليل. أي أن ثمار الآوم لها تأثير قوي على صحة الإنسان. أما إذا نظرنا إلى الأثر القلوي لمنتج الأمبوشي فإنه بالإمكان المحافظة على قلوية الجسم في الدم بنسبة حوالي 7.4 عن طريق تناول الأومبوشي بانتظام. وليس غريباً أن تسمى ثمرة الآوم بملكة الأغذية القلوية فعند تناول 10 جرامات من الأومبوشي يمكنك أن تبطل مفعول الحمضية الناتجة عن تناول 100 جرام من السكر ولا يمكن ابطال مفعول المقدار نفسه من الحمضية الا بتناول 60 جراما من الكومبو (هو طحلب بحري يعتقد أنه يطيل العمر ويزيد الذكاء وحسن التفكير وأنه إذا طهي مع صلصة الصويا فإنه يزيد القدرة الجنسية ويقويها). أو 230 جراما من بقول الأزوكي (بذور بقلية) أو 680 جراما من جذور الأرقطيون ويرجع هذا الأثر القلوي القوي للأومبوشي إلى ثلاثة عوامل: 1) وجود حمض الستريك بغزارة يجعل امتصاص الأمعاء الدقيقة للمعادن القلوية مثل الحديد والمغنسيوم وغيرها الموجودة في أنواع الغذاء الأخرى أكثر سهولة حيث يتحد حمض السيتريك مع هذه المعادن مكوناً ملحاً معدنياً سهل الامتصاص. 2) يحتوي الأومبوشي في حد ذاته على مقادير كبيرة من المعادن القلوية مثل الحديد والمنجنيز والكالسيوم والبوتاسيوم حيث يتم هضم هذه المعادن في وجود حمض الستريك ومن ثم يصبح امتصاصها أكيداً. 3) يقوم حمض الستريك بتفكيك حمض اللبن (Lactic acid) الموجود في الدم والأنسجة.. أثر منتج الأمبوشي كمضاد حيوي ومطهر لقد نجح د. كيوساتو من جامعة هيروساكي عام 1950 في استخلاص مضاد حيوي من الأومبوشي وتمكن من القضاء على ديدان الدوسنتاريا باستخدام 6 جرامات من المادة التي حصل عليها من ثمرة الأوم وكذلك القضاء على المكور العنقودي (بكتريا) المعروفة باسم Staphllococcu باستخدام 9 جرامات، ولكن لم يذع اكتشافه هذا حيث كان البنسلين وغيره من المضادات الحيوية تستخدم على نطاق واسع، وفي عام 1968 تم فصل مكون من مكونات ثمرة الآوم له اثر قاتل على بكتريا السل. كما وجد أن الأومبوشي يحتوي على حمض البكريك حيث يقوي هذا الحمض وظائف الكبد ويساعد الكبد على التخلص من الكيمياويات الصناعية من أجسامنا. ووجد أن حمض الكاتكين يسرع من الحركة الدودية للامعاء، كما انه يعمل كمطهر ويحسن من هضم البروتينات. أما حمض البكتين الموجود في الأومبوشي والذي يوجد في قشرة نبات الأوم فله تأثير ملين.