بدأت شريحة كبيرة من أصحاب المحلات التجارية خاصة ذات النشاط الخارج عن موسم الحج في تأجير أجزاء من محلاتهم القريبة من مقار مساكن الحجاج أو تأجيرها بالكامل كعادة سنوية يلجأ إليها أصحاب تلك المحلات بهدف توفير نسبة من قيمة الإيجار السنوي الذي عادة ما يكون مرتفعاً. ويتحول موسم الحج في كل عام لفرص استثمارية لأصحاب تلك المحلات التي يخلد أصحابها للراحة خلال شهرين، تبدأ من غرة شهر ذي العقدة إلى نهاية موسم الحج، في ظل ارتفاع الطلب من قبل المستثمرين في قطاع هدايا ومستلزمات الحجاج، والملابس والتسجيلات الإسلامية والصرافة والعطور والبخور والسجاجيد. «أم القرى» تعيش ذروة الانتعاش التجاري مع الزيادة المطّردة في أعداد الحجيج ملمح اقتصادي مهم ويرى العم حميد الخياط أن تأجير المحلات في الحج تحدد أسعاره قربه من مساكن الحجاج، ووقوعه على طريقهم المؤدي للحرم المكي، وسهولة الوصول إليه، إضافة إلى مساحة المحل التجاري الذي يتم تأجيره لموسم الحج، مبيناً أن العائد يمثل ما بين 25 إلى 30% من قيمة الايجار السنوي. ولأن مكة المكرمة مدينة استثنائية، تعمل أسواقها القريبة من مقار مساكن الحجاج على مدار الساعة، فهي في هذا الموسم تعيش ذروة الانتعاش، في ظل الزيادة المطردة يومياً في أعداد الحجيج القادمين لأداء مناسك الحج والعمرة، والمتوقع أن يصل عددهم هذا العام إلى مليون و300 ألف حاج. وعادة تأجير سكان مكة المكرمة لمنازلهم ومحلاتهم التجارية تعتبر ملمحا اقتصاديا مهما منذ القدم، ويقول المهتم بشؤون الحج والحجاج أحمد حلبي أن هذه المظاهر تعتبر من صور استفادة سكان مكة المكرمة من موسم الحج، كمورد اقتصادي يستفيدون منه لرفع الدخل، مشيراً إلى أن هذا الملمح كان محصوراً في الماضي في المناطق المركزية والأسواق القريبة منها، والتي تمت إزالتها لصالح توسعة الساحات الشمالية للمسجد الحرام، فيما ساهم تنامي أعداد الحجاج والمعتمرين في تحويل أجزاء كبيرة من مكة المكرمة، خاصة المناطق الواقعة بين الطريقين الدائري الأول والثالث إلى مناطق إسكان وتسوق للحجاج. حالة انتعاش واضحة ويظهر في المشهد العام لأسواق مكة أيام الحج ملمح مهم، يتثمل في انتعاش المحلات التجارية في الفنادق التي يسكنها الحجاج، سواءً كانت المحلات التي تقع داخل البهو أو الملحقة به، كوسيلة جديدة تقدمها الفنادق خدمة للحجاج الذين يسكنون فيها، حيث تتحول مداخل الفنادق ومحلاتها التجارية لسوق رائجة تستقطب الحجاج أناء الليل وأطراف النهار. وكشف مندوب التوزيع ياسر صبحي أن موسم الحج يعتبر من المواسم المنتظرة، في حين تعتبر مكة المكرمة أكبر سوق مستهدف من لمستلزمات الحجاج، مبيناً أن احتضان أم القرى لمواسم العمرة ورمضان والحج، قادها للتفوق على كثير من مدن المملكة، في استقطاب منتجات المصانع المتخصصة في الملابس والهدايا، وكذا المشروبات والوجبات المعلبة والخردوات. في ذات الإطار، تعيش الأسواق المغلقة بمكة داخل المنطقة المركزية والمناطق القريبة منها حالة واضحة من الانتعاش، في ظل الركود الذي أعقب شهر رمضان المبارك، وكشف متعاملون من حجاج بيت الله أن الأسواق المغلقة جذت نسبة كبيرة من الحجاج في فضاء التسوق، وقال محمد عباس حاج آسيوي إن فخامة الأسواق وتوفر التكييف في فصل الصيف، وتواجد الماركات وتنوع المعروض، أسباب تجمعت لترفع الطلب على الأسواق المكيف في مركزية مكة المكرمة، في حين أن الأسواق الشعبية ظلت تقاوم ضغوط السوق. ويشير البائع ياسين بكري إلى أن جنسية الحجاج تحدد نوع البضائع، فهناك من يعشق الهدايا والخواتم والمساويك، وهناك من يفضل الملابس وألعاب الأطفال والعطارة والخردوات، مشيراً إلى أن الخليجيين وأصحاب الدخل العالي والمتوسط من الحجاج يفضلون الأسواق الفاخرة المغلقة، لكن البسطاء من حجاج الدول الفقيرة يتجهون نحو المحلات الشعبية والبسطات الموسمية.