قال تعالى (كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين) (إن الأبرار لفي نعيم). قال الطبري في تفسيره عن من هي فئة الأبرار المخصوصة بأعلى مقام (هم الذين لا يؤذون شيئا حتى الذر). «الذر: صغار النمل». وروى ابن كثير عن الطبراني عن أعبد الأنبياء داود وعاقبة كثرة قتله للكفار (قال النبي: إن الله أمر داود أن يبني مسجدا، فلما تم السور سقط ثلاثا فشكا ذلك إلى الله، فقال: يا داود إنك لا تصلح أن تبني لي بيتا، قال: ولم يارب؟ قال: لما جرى على يديك من الدماء، قال: يارب أو ما كان ذلك في هواك ومحبتك؟ قال: بلى ولكنهم عبادي وأنا أرحمهم). وقال الطبري: فأوحى الله إليه (إنما يبنيه ابن لك طاهر اليد من الدماء) ولهذا أسمى داود ولده سليمان والذي يعني بالعبرية؛ المسالم. ومنع الله سليمان من استعمال الحديد في موقع بناء مسجده لأنه آلة سفك للدماء. وفي الصحيح (مثل المؤمن مثل النحلة، إن أكلت طيبا، وإن وضعت وضعت طيبا، وإن وقعت على عود نخر لم تكسره «ولم تفسد»). ومعنى الحديث أن مثل المؤمن في رقة ولطف أخلاقه وسلوكه كما ولو أنه ألطف المخلوقات كالنحلة، بحيث إذا حط على غصن مهترئ لم يتسبب بكسره ولا يضر، ولا يبدر منه إلا ما هو نافع وحلو كالعسل. ولما وقف النبي احتراما لجنازة يهودي، قال لمن أنكر عليه ذلك (أليست نفسا؟). وفي الصحيح (إن ما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه.. سعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي قال بل الرامي)، وقال: (من خرج من أمتي على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى من مؤمنها ولا يفي بذي عهد فليس مني). وقال تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما). وفي البخاري باب بعنوان «باب إثم من باع حرا» وبالحديث القدسي (قال الله: ثلاثـة أنا خصمهم يوم القيامةِ) ومنهم (رجل باع حرا فأكل ثمنه) وفي رواية (ثلاثة لا تقبل منهم صلاة) وذكر منهم (ورجل اعتبد محررة) البيهقي. دائما يقال إن أكبر معضلة للإسلام أن الغرب والعالم لا يعرفون الإسلام الحقيقي، والصحيح أن أكبر معضلة للإسلام حاليا أن كثيرا من المسلمين لا يعرفون الإسلام الحقيقي الذي تصفه الأدلة الواردة أعلاه.