إن شئت أن تقول شاحنة الموت أو قوارب الموت أو رحلة الموت أو هجرة الموت، فقد تعددت الأسباب والنتيجة واحدة هي الموت. 71 جثة يتم اكتشافها داخل شاحنة لنقل البضائع متوقفة على أحد جوانب الطرق الرئيسية في النمسا، وتتضح المأساة عندما تعلم أن الجثث تعود للاجئين سوريين ومن بينهم أطفال ونساء. وتشير التحقيقات الأولية إلى أنهم ماتوا اختناقاً داخل تلك الشاحنة، وبأنه كانت هناك محاولات عدة منهم للخروج لكنها باءت بالفشل!! ولك أن تتخيل المشهد وهم يختنقون شيئاً فشيئاً داخل ذلك الصندوق المحكم الإغلاق، ويتساقطون واحداً تلو الآخر، والأم ترى طفلها تفيض روحه بين يديها ولا تملك أن تصنع له شيئاً، ثم بعد لحظات تلحق به هي الأخرى، لتودع دنيا القهر والخذلان. وإذا انتقلت إلى المشهد الآخر فسترى عشرات الجثث وهي ملقاة على شواطىء البحر في سواحل تركيا وليبيا، ومعظمها لأشقائنا السوريين الذين هربوا من الموت على يد مجرم الشام وزعرانه، ليلقوا حتفهم في بحر عجزوا عن الوصول إلى ساحله إلا بعد أن فارقوا الحياة. وإذا ما تابعت المشهد وإذ بك ترى أولئك الذين تمكنوا من النجاة - بينهم نساء وأطفال - يسيرون آلاف الأميال على الأقدام من أجل الوصول إلى بعض الدول الأوروبية والتي يعتقدون بأنهم سيجدون فيها الحياة الكريمة، لكن الصدمة تقع عندما يتعرضون للعنف من قبل قوات أمن بعض الدول الأوروبية التي لا تريد تواجدهم على أراضيها. عارٌ علينا كعرب ومسلمين أن نتخاذل عن نصرة أخوة لنا في العروبة والعقيدة!! عارٌ أن نراهم يبحثون عن الأمن والأمان عند الأعاجم، في الوقت الذي لدينا فيه القدرة على استيعابهم ونصرتهم وتوفير الحياة الكريمة لهم!! عارٌ أن تعقد الدول الغربية اجتماعات ومباحثات من أجل التنسيق لاستيعاب لاجئين هاربين من الموت، في الوقت الذي تدير فيه دول عربية وإسلامية ظهرها لهم!! إن دول الخليج يمكنها أن تدعم هؤلاء اللاجئين من خلال مساعدة الدول المجاورة لسورية لاستيعابهم، والمساهمة في تكاليف نفقاتهم، كما أن بعض هذه الدول يمكنها أن تستقبل الآلاف منهم. دول العالم المؤثرة يمكنها أن تساعدهم - إذا كان عندها شيء من الأخلاق - من خلال توفير منطقة آمنة، يُطبّق فيها الحظر الجوي، فيلجأ إليها المدنيون دون الحاجة إلى المخاطرة بأرواحهم عبر ركوب البحر. وأن يُسمح للجيش الحر والقوى المعارضة للنظام من الحصول على الصواريخ المضادة للطائرات، حتى يكف النظام عن ارتكاب المجازر في حق المدنيين، والتي كان من آخرها المجزرة البشعة التي ارتكبت في دوما. لا أدري كيف سنقابل الله تعالى؟، وبماذا سنجيبه؟، إذا ما سألنا يوم القيامة عن تقصيرنا في نصرة المستضعفين من إخواننا المسلمين؟، وهل تفكرنا في حديث رسولنا الكريم والذي يقول فيه: «ما من امرئ يخذل امرءاً مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه و يُنتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، و ما من أحد ينصر مسلماً في موطن يُنتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن يحب فيه نصرته». فكيف الحال مع مسلم سُفك دمه وانتهكت حرماته، وفُتن في دينه، وحوصرت مدينته حتى مات أطفاله وبعض أهل بيته من الجوع أو البرد؟! اللهم انصر من نصر عبادك الموحدين، واخذل من خذل المسلمين. Twitter:abdulaziz2002