الاثنين الماضي تداول المُـغَـرِّدُون في تويتر (هَاشتَاقًا) كان فيه الـشكوى من غلاء أسعار الأدوية عندنا، وهـذا ذكّرني بحادثة وقعت معي قبل سنوات (تُؤَكِّد) حقيقة تلك الشكوى! فقد كنتُ في زيارة للقاهرة، وحينها طلب مني أحد الأصدقاء أنْ أبتاعَ له دواءً من هناك؛ نظرًا لانخفاض قيمة الأدوية المصنّعة في مصر، ذهبتُ للصيدلية، فاكتشفت أن سعر العبوة من ذلك الدواء (260 جنيهًا مصريًّا)، وهو ما يعادل وقتها (190) ريالاً سعوديًّا تقريبًا؛ فتعجبتُ من ارتفاع قيمته، وهنا أكَّد لي الصيدلي أن هذا الدواء مستورد، وليس تصنيعًا مِـصْـرِيًّا؛ لهذا سعره مرتفع، أخبرتُ صديقي بالأمـر، فأصرّ على طلبه؛ لأن هذا الدواء قيمته في أسواقنا المحلية أكثر (400 ريال)! وهنا ما أعرفه أن الجمارك المصرية تصل ضريبتها على المنتجات المستوردة إلى (300%) دعمًا للمنتج المحلي، ولاسيما الدواء لكثرة شركات تصنيعه هناك، بينما الرسوم الجمركية عندنا لا تتجاوز (10%)، وأعتقد أنها محدودة في الدواء جدًّا، إنْ لم تكن معدومة! صَراحة لـم أفهم تلك المعادلة التجارية الغريبة؛ فكيف يبيع المستورد المصري الدواءَ نفسه بسعر أقل بـ(100%) من المستورد السعودي، مع أنه يدفع ضرائب أكثر منه بـ(290%)؟! فلا أعتقد بأن السبب ذكاء المستثمر المصري في عَقْد الصفقات مع الشركات والمصانع العالمية، وقدرته على تخفيض أسعارها!! ولا أظنّ بأنّ المُصَدِّر الأجنبي يعتقد بأن كل مواطن سعودي يمتلك بِئْرًا من البترول، وبالتالي يرفع قيمة الأدوية على مستوردينا الغلابَى!! العِلة -لا غيرها- تكمن في جشع (بعض تجارنا) الذين يذبحون المستهلكين على الطريقة غير الإسلامية، في ظلّ عدم وجود قوانين واضحة تحميهم!! فليس هناك حَدٌّ من الاحتكار، ولا هامِش ربح محدد يُمْنَع تجاوزه، ولا مراقبة ومتابعة لنبض السوق ومستجداته العالمية بين الارتفاع والنزول، ولا عقوبات واضحة لأية تجاوزات!! أخيرًا بما أن أغلب الأدوية لدينا لا تخلو قيمتها من زيادة لعدة (قُرُوش أو هَـللات)، يضطر المستهلكون لِتَرْكِ بقاياها للصيدليات؛ فهل تعلمون بأن مجموع تلك البقايا المنسية يصل سنويًّا لـ(10 ملايين ريال)؟! aaljamili@yahoo.com