بمناسبة اليوم الوطني لجمهورية كوريا، أود أن أشارك شعب وحكومة المملكة العربية السعودية الفرحة والبهجة. وأنتهز هذه الفرصة لأعرب عن خالص تقديري لقيادة المملكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وصاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبدالعزيز آل سعود، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء والمستشار والمبعوث الخاص لخادم الحرمين الشريفين وكذلك صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، على دعمهم المتواصل للصداقة والتعاون بين بلدينا. إننا نحتفي باليوم الوطني الكوري على نحو خاص هذا العام حيث أنه يتزامن مع حفل افتتاح معرض الحرف اليدوية الكوري – السعودي بالمتحف الوطني بالمملكة. إن المعرض الذي يفتتح يوم 24 نوفمبر ويستمر حتى 22 ديسمبر 2013 هو أول مشروع مشترك بين وزارة الثقافة والرياضة والسياحة الكورية والهيئة السعودية للسياحة والآثار في المملكة إثر توقيعهما برنامجا تنفيذيا لمزيد من التعاون في مجالات السياحة والحرف اليدوية. إن الغرض من المعرض هو تعريف الجمهور بأصل وجمال التقليد الحرفي وكذلك قيم العزف التقليدي. كما أن العرض سوف يتضمن أمثلة لكيفية صناعة الحرف اليدوية على الواقع بواسطة فنانين كوريين كما تقام ورش عمل لتتيح للزوار التعرف على الحرف اليدوية عن كثب. وسوف يدفع هذا المعرض المشترك الأول من نوعه في المملكة بالعلاقات الثقافية والتفاعل الفعلي ويمهد الطريق لتبادلات ثقافية هامة بين بلدينا. -2- تتقاسم كوريا والمملكة تاريخا ثرا من التبادلات رغم بعد المسافة. ويعود تاريخ التبادلات بين الجانبين إلى عصر القرون الوسطي قبل نحو 1200 سنة. فقد بدأت كوريا عملية الاتجار مع العرب عبر طريق الحرير والخطوط البحرية فتوسعت نظرتها تجاه ثقافة جديدة. وأقام العرب مسجدا يسمى "ييجونج" قبل 700 عام في عاصمة كوريا آنذاك ومارسوا صلواتهم فيه. وفي تلك الحقبة، تم تعرف العرب والعالم الغربي على اسم كوريا الحالي بواسطة التجار العرب. وبناء على سجلات تاريخية رسمية لعهد مملكة جوسون وهي آخر ممالك كوريا، فإن الملك العظيم سيجونج قد اعتاد على دعوة أئمة مسلمين لمجلسه والاستماع إلى ابتهالاتهم. وخلال حكم الملك سيجونج من 1418 – 1450 بعد الميلاد شهدت مملكة جوسون فترة النهضة التي ابتدعت الحرف الأبجدي الكوري والساعات المائية والخرائط السماوية وطباعة كتب تاريخية هامة. والمعروف أن التبادلات الثقافية مع العرب كانت تشكل جزئيا خلفية النهضة الكورية. ومنذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين عام 1962، ظلت علاقات الصداقة والتعاون تشهد تقدما وقوة عاما بعد عام. وفي أواخر السبعينيات وكل الثمانينيات ساهم العمال الكوريون ومعظمهم من قطاع الإنشاءات في عملية تحديث المملكة. وبالمقابل، دعمت المملكة التنمية الاقتصادية لكوريا من خلال إمدادها بطاقة مستقرة مثلت ثلث استهلاك كوريا من النفط. وتعتبر كل من المملكة وكوريا رابع أكبر شريك تجاري للآخر. فقد قفز حجم التجارة البينية من 2و4 مليارات دولار أمريكي عام 1991 إلى 48 مليار دولار أمريكي عام 2012 بواقع 6 و 30 مليار دولار أمريكي لصالح الميزان التجاري للمملكة. -3- وفي أعقاب الذكرى ال 50 للعلاقات الدبلوماسية العام الماضي، حاولت البلدان توسيع مدى تعاونهما إلى مجالات الدفاع والصحة والثقافة والتعليم بناء على أرضية التبادلات التقليدية في مجال الإنشاءات والتجارة. وتحقيقا لهذا الغرض، تمت 18 زيارة على مستوى وزاري بين البلدين منذ القمة الكورية السعودية في فبراير 2012 بالرياض. وكنتيجة لذلك، وقعت وزارة الصحة في المملكة ووزارة الصحة والرعاية في كوريا في فبراير 2012 برنامجا تنفيذيا للتعاون في مجال الصحة والخدمات الصحية. وبالإضافة إلى ذلك، توجت جهود الطرفين في توقيع اتفاقيات تنفيذية هامة للتعاون في مجال الرعاية الصحية. وبمقتضى هذا الإطار المؤسسي، سوف يتم تدريب أطباء سعوديين في مستشفيات كوريا كما يشارك أطباء كوريون في تدريب وتحويل تقنية طبية إلى جهات طبية سعودية. كذلك وقعت وزارة الدفاع السعودية ووزارة الدفاع الكورية في فبراير 2013 اتفاقية تتعلق بالتعاون في المجال الدفاعي. وتركز كوريا والمملكة حاليا على تقوية التبادلات الثقافية وتلك التي بين الشعبين إيمانا منهما بأن تلك التبادلات هي الوسيلة الأكثر فعالية وسرعة واستمرارية لتحقيق مزيد من التفاهم والصداقة والتضامن المتبادل. تلك التبادلات بوسعها أن تقيم معابر قوية بين البلدين وخاصة لجهة أن شعبي بلدينا يتقاسمان قيما تقليدية مثل طاعة الأبناء للوالدين والولاء للأسرة وتوقير الكبير واحترام الضيف. إن معرض الحرف اليدوية الكوري السعودي المذكور آنفا هو مثال يرمز لتلك التبادلات. كما تقر البلدان بأن التبادل الشبابي، بوصفه واحدا من تلك التبادلات، يمكن أن يلعب دورا مهما في العلاقات المستقبلية للبلدين. ويعكس التبادل السنوي لوفود الشباب من كل حكومة هذه الأهمية. -4- كما أن التبادل في مجال التعليم يشد انتباه البلدين. فقد فتحت كوريا جامعاتها للمملكة. إذ أن هناك أكثر من 400 جامعة تشمل كليات على أعلى مستوى عالمي وأخرى للتدريب المهني والفني. إن الثقافة التعليمية الكورية التي تتسم بالولاء للأبوة قد بنيبت على عقلية حب الوطن وفضيلة تبجيل كل لوالديه. وبحلول عام 2013، كان نحو 500 طالب سعودي يدرسون في كوريا بمقتضى برنامج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله للابتعاث الخارجي حيث ينعمون بعناية خاصة من الجامعات الكورية. وفي غضون ذلك، ازداد تدريجيا عدد الطلبة الكوريين في المملكة ويتوقع أن يتضاعف ثلاث مرات خلال بضعة أعوام. إن لدى كوريا إرادة لا تكل ولا تمل ومستعدة تماما لتقوية العلاقات مع المملكة في كافة المجالات. إنني أعتقد جازما بأن علاقات الصداقة والتضامن بين البلدين سوف تتعمق أكثر في الأعوام القادمة. ومرة أخرى أود أن أزجي تحياتي الخالصة لقيادة وحكومة وشعب المملكة العربية السعودية على إتاحتهم لنا هذه الفرصة الميمونة. * سفير جمهورية كوريا لدى المملكة