اشتهرت منطقة نجران بإرثها التاريخي المنتشر بدلالاته الرمزية ما بين أركان قراها وأحيائها، الأمر الذي شجع بعض أبناء المنطقة على الاحتفاظ بهذا الإرث من خلال إنشاء متاحف شخصية في منازلهم لعرض أدوات هذا التراث أمام أبناء الجيل الحالي ليتعرفوا على تاريخ المنطقة القديم وتجارب الآباء والأجداد في الحقب الزمنية التي مضت، وذلك بجانب الدور الكبير الذي تؤديه الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في مجال حفظ تراث مناطق المملكة ومن بينها نجران. عبدالله مشبب آل منصور أحد مالكي المتاحف الأثرية في نجران أكد اهتمامه بإنشاء هذا المتحف لحفظ مكونات تراث الآباء والأجداد من الضياع في خضم الحياة المدنية التي غيرت اهتمامات بعض أفراد هذا الجيل وجعلتهم يهملونه. وأشار بحسب "واس" إلى أن المتاحف الأثرية تعبر عن رمزية التاريخ القديم الذي عاشته الأجيال الماضية وبقيت آثارهم حتى هذا العصر عبر بعض الأدوات التي احتفظ بها بعض أهالي المنطقة ولا يزال البعض منهم يستخدمها، مبينًا أن المتحف يجمع هذا التاريخ في مكان واحد ليتمكن أبناء الجيل الحاضر من الاطلاع عن كثب على قيمة هذا التاريخ العريق. وأفاد آل منصور أن التراث ليس لحظة من الماضي أو قصة من الزمان تُروى للإنسان فقط، بل هو وجه جلي من أوجه الهوية الإنسانية، وجسر متين لمعايشة الحاضر بكل تجلياته وتطوراته. وأوضح أن متحفه الشخصي يحتوي على أكثر من 500 قطعة تراثية تتنوع بين الأواني المنزلية التي كانوا يستخدمونها قديما في الأكل والشرب، كـ"الجْمَنَة"، و"الدِلال" و"الزير" و"المِدْهَن الحجري" الذي يوضع فيه الأكل، و"القِطَفْ" الذي يحفظ التمر والذرة، إلى جانب عدد من الخناجر القديمة المعروفة في المنطقة باسم " الجنبيّة"، وبنادق الصيد، وبعض المصنوعات الجلدية القديمة مثل "المِيزَبْ" وهي أداة تستعمل لحمل الطفل الرضيع، و"المسْبَتْ" وهو حزام يحيط بالخصر، و"الزّمَاَلة" وهي حاوية كبيرة تستعمل لحفظ الأشياء الخاصة. ويضم متحف آل منصور العديد من الأركان التراثية مثل ركن الحلي التي كانت تشكل الغالبية العظمى من زينة المرأة في نجران، فمنها ما يوضع حول العنق على شكل قلائد مثل "اللبّة" و"اللاَزَمْ"و "الصِمْط"، ومنها ما هو في الأيدي مثل "الحَدَاود" و"المْطَال" و "خواتم" الفضة المشغولة، إضافة إلى الملابس الرجالية والنسائية، والمفروشات القديمة بأنواعها وأحجامها كـ "المجرة" و"الرداعة" و"الهدرّ" و"البساط" و "الساحة". من جانب آخر أكد حسين محمد الفقير وهو صاحب محل لبيع الأدوات التراثية أن محله يرتاده الكبار والصغار على حد سواء الذين يهتمون بالاطلاع على أكثر من 3000 قطعة تراثية عرفت في منطقة نجران ويصل سعر بعضها إلى 5000 ريال، مبينًا أن المتحف عبارة عن مدرسة مرئية يدرس من خلالها الزائر أو الباحث معنى التراث وتنوعه في مختلف مناطق المملكة. وبين عبدالله المكرمي وهو أحد الشباب الذين يرتادون هذه المحال أن الماضي العريق هو امتداد لنا، ويجب علينا المحافظة عليه والتمسك به، وأن جميع تلك الأدوات المستخدمة في الماضي لها وقع جميل في النفس عندما يشاهدها الصغير والكبير، وأنه يحرص، كل ما سنحت له فرصة، لاقتناء شيء من التراثيات النجرانية، فيزين بها مجلسه، وبيته، ويقدمها في أحيان أخرى كهدايا لبعض أصدقائه من داخل المنطقة ومن خارجها. ونوه أصحاب المتاحف النجرانية بجهود الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني الحثيثة لحفظ موروث أهالي المنطقة وجمعه وصيانته، بمتابعة من الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني، في حين أوضح صالح آل مريح مدير فرع الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني في منطقة نجران أن دور الهيئة هو الإشراف على المتاحف الخاصة، ومتابعتها والاهتمام بها، لتكون واجهة حضارية ومشرقة لمنطقة نجران نظراً لأهميتها في حفظ التراث الوطني، مشيراً إلى أن التراث الوطني النجراني يحظى باهتمام الأمير جلوي بن عبدالعزيز بن مساعد أمير منطقة نجران.