كل هذا التنوير الذي تعيشه الأفكار الحية في العالم، لن يكتمل إلا من خلال بدهيات الاحترام للآخر. ببساطة عش ودع غيرك يعش. المنطق الاستئصالي للآخرين الذي بدا بشكل واضح في اللقاءات الثلاثة على «mbc» مع الموقوفين يجب أن نعترف أنه موجود في المجتمع، فلا نغطي رؤوسنا بالرمال ونردد باستهلاك: «نحن مجتمع وسطي»، بل علينا أن نكتشف الأخطاء التي تعتور الفكر والرؤية، والتي تضمها حتى بعض مناهج التعليم. العجيب أن متشددا مثل وليد السناني يعتبر المناهج «علمانية»، وفيها الكثير من المخالفات، بينما يعتبرها المربون تحتوي على فقرات متشددة في بعض المواضع. الاحترام للآخرين، وللمختلفين دينا ومذهبا هو من صميم النور الذي يجب أن نزرعه في عقول النشء ومؤسسات التعليم. قبل أيام أعلن الأمير فيصل بن عبدالله وزير التربية والتعليم عن مبادرة وزارة التربية والتعليم، التي يشرف عليها مركز الملك عبدالله العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات (كايسيد)، للقيام بدراسة المناهج التعليمية، وبناء إطار عملي يمكن تطبيقه لمراجعة وتطوير المناهج لتقريب الأجيال من بعضها ويحقق الاستيعاب الواعي، والفهم المتبادل، ويبني عالما متصالحا شعاره السلام والتسامح وقبول الآخر. هذا المشروع بداية لخطوات علينا المضي قدما لترسيخها. ثمة حكومات مجاورة استطاعت تهذيب الموقف من الآخر، والبدء بحال مصالحة مع الجميع، لن نستطيع أن نحارب العالم، والحقيقة لا يمكن التلقين بالإجبار، ولا يمكن أن ننجح في مشوار حوار الأديان من دون تقديم ثقافة الاحترام للآخر والتلاقي معه على المشتركات، وتأجيل عناصر الاختلاف والافتراق. بعد خمسة عشر عاما من ويلات الإرهاب التي ضربت الشرق والغرب، آن الأوان لضرب الإرهاب بمعول الأفكار النيرة، والتجاوز للمسائل المتطرفة، مثل الحاكمية، أو الكراهية، أو الاستئصال والقتل، وعلينا أن نتعلم من الصوفية أن الدين هو الحب، وأن الله لا يعبد بالكراهية. إذا استطعنا الوصول إلى هذه المرحلة يمكننا الاطمئنان بنشوء جيل متسامح، يستطيع أن يعيش وأن يدع غيره يعيش، هذه العبارة هي التي رغب رواد التنوير على مر العصور أن تكون نبراسا لكل مجتمع على هذه الأرض.