مثلما وقفت جميع المبادرات الشبابية خلال فترة الحرب إلى جانب سكان المدينة بإطلاق حملات الإغاثة والتطبيب والإسعافات الأولية واستمرت على مدى 4 أشهر في تقديم المساعدات الإنسانية والطبية والتخفيف من معاناة الأهالي ومؤازرتهم في ظل الحصار الخانق والظروف الصعبة التي عاشها جميع سكان مدن عدن المحررة، شمر شباب وشابات عدن عن سواعدهم، منذ اللحظة الأولى للتحرير، ليقوموا بدورهم المهم تجاه مدينتهم الجريحة التي تعرضت لحرب ظالمة لم تشهد لها مثيلا من سابق، حرب شعواء استباحت ودمرت كل شيء جميل ولائق في عدن خلال (120) يوما من القتل والحصار والدمار الذي شنته ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح، على المدينة. اليوم بعد ما حل بعدن من حصار ودمار وقتل وإجرام، يجدد شباب وشابات عدن حبهم ووفاءهم المتأصل في خدمة مدينتهم وسكانها المسالمين، حيث برزت كثير من المبادرات الشبابية لتقوم بمهام وأعمال جليلة، هي بالأساس مهام دولة وسلطة محلية غير موجودة، فتجد عدن تنفض غبار الحرب بجهود شبابية ذاتية مخلصة بولائها لعدن كل عدن في هذا المقام الفريد ترصد «الشرق الأوسط» 3 مبادرات مختلفة كنموذج فخر واعتزاز لكل الجنوبيين. ويستمر، أيضا، دور منظمات المجتمع المدني والمبادرات الشبابية التي بدأت في العمل في الميدان ولم تنتظر السلطة المحلية بالقيام بالأدوار المنوط بها القيام به، وفي سياق ذلك أوضحت لـ«الشرق الأوسط» المحامية والناشطة الحقوقية أقدار مختار، عضو مؤسس بشبكة «عين عدن» بأن مبادرة توثيق الحرب على عدن التي أطلقتها عدد من منظمات المجتمع المدني، بصدد إبراز ما تعرضت له مدن «خور مكسر - كريتر - المعلا - التواهي»، خلال الأسبوع المقبل، بعد عمليات رصد وتوثيق وحصر ميداني استمر لأكثر من 3 أسابيع، مؤكدة بأن عمليات التوثيق والرصد استكملت تمامًا ولم يتبق سوى بعض الجوانب الفنية والتنظيمية، وأكدت مختار أن «حجم الدمار الذي حل بمدن عدن كبير جدًا، حيث عمدت ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح إلى تدمير المدارس والمنازل والمباني والمرافق الحكومية ودور العبادة والمعالم الأثرية وخطوط الكهرباء وخزانات المياه والطرقات والبنى التحية وكل ما يتصل بالحياة تم تدميره بحقد دفين وتلك الأعمال موثقة لدينا بمعايير دولية وهي جرائم حرب ضد المدنيين»، مشيرة إلى أن المؤتمر سيتضمن عرض أفلام وثائقية ومعرض صور وإحصائيات أولية بالضحايا والممتلكات العامة والخاصة. «هيا ننظفها».. أيضا، مبادرة شبابية طوعية أطلقتها مؤسسة «عدن أجين» الثقافية لرفع مخلفات الحرب والدمار والإهمال الذي لحق بعدن جراء العدوان، بشكل طوعي وبجهد ذاتي وفق ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» الناشط الشبابي مازن الشريف، الذي أردف قائلا: «نظمنا للحملة وأعلنا عنها في صفحات التواصل الاجتماعي ولقيت الدعوة قبولا واسعا وترحابا شديدا من قبل شباب وشابات وأهالي عدن»، ومضى رئيس مؤسسة «عدن أجين» بالقول: «تم الخروج في أول أيام الحملة بكريتر وبذل المتطوعون جهدهم في العمل، وبعد نجاح أول يوم أعلنا عن اليوم الثاني ونجح نجاحا مضاعفا ووصل عدد المشاركين في المبادرة إلى 50 متطوعا»، وأضاف: «اليوم الثالث للحملة استهدف جولة كالتكس وسنستمر، وكما دافع شباب عدن عنها بأرواحهم، سيعيدون بناءها بسواعدهم»، من جانبها قالت لـ«الشرق الأوسط» المتطوعة الشابة ملاك النجار إن مبادرة «هيا ننظفها» انطلقت في 18 أغسطس (آب) الحالي من مدينة كريتر «وقمنا من خلال مجموعة مكونة من شباب وشابات وأطفال وكبار برفع بعض مخلفات الحرب عن كريتر أمام البنك الأهلي والمثلث أمام ساعة ليتل بن، وكان الكل متحمسًا لذلك»، وتابعت قائلة: «بعد الانتهاء من التنظيف كافأتنا مؤسسة عدن أجين برحلة إلى معاشيق، حيث المناظر الخلابة التي كنا محرومين منها لسنوات طويلة (حول القصر الرئاسي وكانت منطقة محظورة)، مشيرة إلى أن عدد المتطوعين يزداد مع كل مبادرة وإلى أن الحملة، بإذن الله، سوف تستمر في جميع مديريات عدن خلال الأيام المقبلة، ودعت النجار السلطات المحلية وصندوق النظافة والمعنيين في هذا الشأن القيام بدورهم بهذا الشأن لأن المخلفات كثيرة جدًا حد قولها وتحتاج إلى معدات ضخمة لرفعها والتخلص منها. حملة أخرى هي «إعمار عدن»، وهي مبادرة شبابية تطوعية لا تتبع أي جهة رسمية، بحسب المهندس نوار بن أبكر الذي قال إن مكتب الأشغال بالمدينة طلب منهم نموذجًا من العمل، كما أنهم عرضوا عملهم على مكتب الرئيس هادي «رئاسة الجمهورية» وطلب منهم بعض الأعمال الاختبارية، ويندمج نشاط المبادرة في عدة مراحل، حيث تتضمن المرحلة الأولى (المسح الإحصائي) والتي ترتكز على إحصاء المباني وعناوينها وملاكها وأنواعها سكنية كانت أو تجارية أو سكنية تجارية أو غيره وحجم الضرر الناتج من الحرب وتوثيقها بالصور وتعريفها على صور جوية لكل منطقة بشكل تفصيلي، فيما ترتكز المرحلة الثانية «المسح الفني» على تقييم حالة الضرر وفق المعايير الفنية وتحديد إمكانية الترميم أو إعادة البناء، وذلك وفق تصنيف المباني إلى ثلاثة أنظمة للبناء أكانت هياكل خرسانية أو جدران حاملة أو مساكن شعبية ومن ثم يتم إعادة رسم تصاميمها من قبل مهندسين الفريق للانتقال بها إلى المرحلة التالية، والمرحلة الثالثة (التصاميم والدراسات) استنادًا على تصاميم الفريق للمباني المتضررة والتقرير الفني الخاص بكل مبنى والصور المرفقة يتم تحويل التصاميم إلى جداول كميات مفصلة ابتداء من إزالة المخلفات وحتى التشطيب النهائي مع ربط الجداول بتكلفة التنفيذ بشكل كامل للتوصل إلى إجمالي التكلفة النهائية لكل مبنى، وأكد المهندس بن أبكر أن مبادرة «إعمار عدن» تهدف إلى إعادة الإعمار بشكل جديد وبشكل يبين واجهة عدن الحضارية الهندسية الفنية وأيضا إبراز دور الشباب الذي انهضم حقه ومشاركته في عمل إعمار عدن، «كما نطمح إلى سرعة الإنجاز والدقة في عملية البناء، خصوصًا وأن هنالك منازل تضررت بشكل كامل وغير صالحة للسكن فيها».