لم تكن الحملة- التي أطلقها شباب الكويت، في وجه الغلاء الفاحش للأسماك، في الفترة الأخيرة- مجرد هبّة شبابية ظهرت في وقتها المناسب... ولكنها صحوة وإشارة تبشر بالخير، لشباب أراد أن يعبر عن وطنيته وحبه لمجتمعه، والانتقال من ترديد الشعارات، أو القصائد التي تمجد الوطن، إلى أفعال غاية في الرقي والإحساس بمعنى الوطن. ولأنني... غير متابع لمجريات سوق السمك وللأسعار بشكل عام، نتيجة لظروف عملي الأكاديمي، الذي- للأسف يأخذ جل وقتي- إلا أنني تابعت تحركات الشباب على مواقع التواصل الاجتماعي، وسعدت بالتنظيم غير المتفق عليه في هذه الحملة، التي أثبتت نجاحها على كل المستويات، ويكفي أنها حرّكت الجهات المسؤولية، في اتجاه حل هذه الأزمة، وأقول تنظيم غير متفق عليه، لأن الأحداث والمتابعات تأتي وكأن من ورائها أشخاص ينظمونها، إلا أنه وفي حقيقة الأمر هي تحركات قد تكون فردية، أو على مستوى مجموعات متفرقة، إلا أن ردود أفعالها على أرض الواقع كانت تأتي في أشكال منظمة وسليمة الإجراءات. ومن ثم فإن هذه الحملة- بغض النظر عن أهدافها التي تتركز في محاولة تخفيض أسعار سلعة غذائية- تعني لي الكثير... كمتابع لمسيرة شباب الكويت، فهي تعني لي أن أبناءنا الشباب قادرون على التعبير عن أنفسهم بطرق سليمة ومضمونة النجاح. مما يسقط مقولة أن الشباب الكويتي بعيد عن هموم وطنه ومجتمعه، مما يعلي من حقيقة أن هؤلاء الشباب لديهم وعي عظيم بوطنهم، وهو وعي سيجعلهم خلال الأيام المقبلة، يدافعون عن حقوقهم وحقوق مجتمعاتهم من الجشع، واستغلال الظروف من أجل التربح الريع. كما تعني لي هذه الحملة... المستقبل الذي لم يعد يخيفنا، طالما أن لدينا شبابا حريص على مصالح وطنه، ولديه ثقافة التمرد على الأوضاع غير المقبولة، ونزعة الإصلاح التي بدت ملفتة للنظر ومثار تقدير واحترام للجميع. وتعني لي أيضا أن ثمة يقظة في الضمير العام ستؤدي إلى تتبع مصادر الخلل وكشفه أمام الرأي العام، ومن ثم لن ينجو أي متنفذ من فعلته التي يسعى من ورائها الحصول على مكاسب ليس من حقه، وبالتالي ستنتقل مثل هذه الحملة من متابعة الغلاء في الأسعار إلى متابعة كل ما له علاقة بأمن الوطن، ولن يسكت هؤلاء الناشطون الشباب في كشف كل ما من شأنه أن يؤثر على مقدرات البلد. وهذه الحملة تميزت- في ما تميزت- بأن الشباب هم الذين قادوا شعلتها وهم الذين يتابعون نتائجها، علاوة على وجود عدد كبير من المواطنين الكويتيين غير الشباب، لفتت انتباههم هذه الحملة فانضموا إليها مشجعين ومتفاعلين، إلى جانب مسؤولين كبار اهتموا بها، وساندوها. وفي المقابل فإننا نفتخر بالنتائج التي وصلت إليها حملة «خليها تخيس»، ونتوقع أن تستمر في منظومتها، لتشمل كافة مناحي الحياة على أرضنا الطيبة الكويت، فالسعادة التي نشعر بها عظيمة ونحن نستند على أراء الشباب وتحركاتهم في قضايانا الاجتماعية، وهذا دليل على الوعي والثقافة، والرغبة في إثبات الوجود على أرض الواقع. * كاتب وأكاديمي في جامعة الكويت alsowaifan@yahoo.com