يبدو أن فشل محاولات الهبوط الآمن للاقتصاد الصيني سيكون لها تبعات أشد على شركاء الصين التجاريين. فقد نصح كبير خبراء الاقتصاد في مجموعة سيتي بنك المصرفية المستثمرين الذين تفوق درجة تشاؤمهم حيال تباطؤ الاقتصاد الصيني حد الإجماع العام، أن يتابعوا تسع عملات عالمية مرشحة للحاق بركب اليوان، وهي الروبل الروسي والرينغيت الماليزي والدولار الأسترالي والنيوزيلاندي والتايواني، فضلاً عن عملة كوريا الجنوبية وعملة تايلاند. وفي الوقت نفسه، يعيد بنك غولدمان ساكس تقييم استثمارات ضخمة طويلة الأجل بتلك العملات. وقبل عشر سنوات نصح البنك عملاءه بتقليص حيازاتهم من الدولار الأمريكي بالنظر لضعف النمو والمديونية المرتفعة للحكومة الأمريكية، واستبدالها بعملات الأسواق الناشئة ذات الموازين الختامية النظيفة، وآفاق النمو المشجعة، وتوسيع استثماراتهم في السلع الاسترايجية التي تعاني نقصاً في الاستثمارات ومحدودية في العرض. إلّا أن كل تلك المعطيات تغيرت ما دفع غولدمان ساكس إلى إطلاق تحذير جاء فيه: أسفرت الاستثمارات في السلع الاستراتيجية على مدى عشر سنوات، وتطور تقنيات إنتاجها عن فائض في العرض في مختلف أسواقها، ما يزيد من ضغوط التكلفة والأسعار ويخلق موجات تضخمية على مستوى العالم. والحقيقة المصرح بها التي يقف عندها خبراء الاقتصاد اليوم هي أن معدلات تباطؤ الاقتصاد الصيني تفوق الأرقام المعلنة، وقد لا تتجاوز نسبة نموه في النصف الأول من العام الحالي 5% مقارنة بالأرقام الرسمية البالغة 7%، حسب تقرير سيتي بنك. أما الحقيقة المستورة فهي أن تباطؤ الاقتصاد الصيني سيكون أشد صعوبة على شركاء الصين التجاريين ومنافسيها الصناعيين من صعوباته على الصين ذاتها. والأدهى من ذلك أن الآتي أعظم لكلا الطرفين. ذلك أن عدوى ركود الاقتصاد الصيني ستكون شديدة خاصة إذا ترافقت مع رفع أسعار الفائدة الأمريكية الذي بات وشيكاً. فتأثير أسعار الفائدة الأعلى لن يقتصر على صعوبات الحصول على القروض وصعوبة خدماتها، بل ستسبب انحساراً في تدفق الاستثمارات الأجنبية وارتداداً في أسعار الأصول المتضخمة. ولابد أن يسفر تباطؤ الاقتصاد الصيني وانعدام مبررات الفائدة الصفرية لدى الاحتياطي الفيدرالي، عن تشدد في السياسات النقدية وتقليص جودة العمليات الائتمانية وصعوبة خروج الاقتصادات الناشئة من الأزمة. فخلال النصف الأول من العام الحالي، وخاصة الأشهر الثلاثة الأولى، ارتفع حجم صافي الصادرات الصينية بنسبة 150%، وهو رقم يصعب أن يتكرر، وشكل قطاع الخدمات المالية نسبة عالية في الناتج الإجمالي المحلي، وهو ما لا يمكن أن يحدث مرة ثانية نظراً لتدهور الأسهم الصينية، ولم تعد الصين محرك النمو الرئيسي في الاقتصادات التي زودته بالمواد الأولية لدفع قطاعه الصناعي، ويرجح غولدمان ساكس ألّا تتجاوز نسبة الاستثمار في الأصول الثابتة الصينية 15% من الناتج الإجمالي المحلي في الربع الأول من العام الحالي، مقارنة ب 50% في السنوات الماضية. وفي الوقت نفسه، تبنت شركات الاقتصادات الناشئة خطأ فرضية تقول إن الاقتصاد الصيني مستمر في تحقيق النمو، ولهذا ضاعفت حجم استثماراتها الممولة بالقروض. فقد سجل حجم القروض في أسواق آسيا الناشئة خلال الربع الأول من عام 2015 رقماً قياسياً تجاوز 113% من الناتج الإجمالي المحلي، وهذا سوف يعرض شركات تلك الدول لمزيد من الصعوبات في حال رفع أسعار الفائدة الأمريكية خاصة الشركات التي اقترضت بالدولار.