أسفرت حوادث مختلفة للدهس بمركبات يملكها الأهل، عن وفاة ثمانية أطفال في المنطقة الوسطى بالشارقة خلال الأعوام الثلاثة الماضية، وإصابات بليغة لاثنين آخرين، في حين دعت شرطة الشارقة إلى توعية الأطفال والحفاظ على حياتهم، وإبعاد كل ما من شأنه تعريضهم للخطر، كون ذلك مسؤولية الأبوين والمجتمع. وينص قانون العقوبات الاتحادي على الحبس والغرامة أو إحدى هاتين العقوبتين على من تسبب بخطئه في موت شخص، فيما يترك تقدير كلّ منهما إلى المحكمة، في حين قال أخصائي الطوارئ في مستشفى الذيد، الدكتور سامر سعيد سلمان، إن نزيف الدماغ أو الأعضاء الداخلية للبطن من الإصابات التي تؤدي إلى وفاة الأطفال ممن هم دون 13 عاماً عند تعرضهم لدهس المركبات، في حال لم يتم إسعافهم سريعاً. وبين أبرز قصص الدهس من قبل الأهالي، إصابات بليغة لحقت بطفلتين شقيقتين نتيجة تعرضهما لحادثي دهس منفصلين من قبل والدهما، حين كان بصدد الرجوع بالمركبة للخلف دون الانتباه لوجودهما في فناء المنزل، بحسب سجلات مستشفى الذيد. قانون العقوبات الاتحادي أشار المحامي سعود أحمد الزرعوني، إلى اختلاف المادة القانونية المطبقة على مرتكب الفعل باختلاف النتيجة التي قد يسفر عنها الفعل، فإذا ما أدى هذا الفعل (الدهس) إلى الوفاة، ففي هذه الحالة يتم إنزال عقوبة القتل الخطأ على الجاني، والتي نصت عليها المادة رقم (342) من قانون العقوبات الاتحادي بالعقوبة بالحبس وبالغرامة، أو بإحدى هاتين العقوبتين، مَن تسبب بخطئه في موت شخص، منوهاً بأن تقدير مدة الحبس ومقدار الغرامة أمر متروك لتقدير المحكمة. وأضاف أما في حال أسفر ذلك الفعل عن إصابة الطفل أو إلحاق أي ضرر به، فيتم تطبيق نص المادة رقم (343) على الجاني، التي نصت على أنه (يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة وبالغرامة التي لا تجاوز 10 آلاف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك على من تسبب بخطئه في المساس بسلامة جسم غيره). وزاد (تكون العقوبة بالحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، في حال نشأ عن الجريمة عاهة مستديمة). ولا تقتصر الإصابة على الأطفال ضحية الحادث فقط، إذ أكد الطب النفسي أنه عند تسبب أحد أفراد الأسرة في وفاة أحد الأطفال دون قصد، فإنه يصاب بصدمة نفسية حادة قد ينتج عنها تأثير في قدرات العقل أو قد يصاب بحالة من الاكتئاب النفسي. وتفصيلاً، قال أخصائي الطوارئ في مستشفى الذيد، الدكتور سامر سعيد سلمان، إن الإصابات الناتجة عن حوادث دهس الأطفال تتمثل في كسور في الحوض أو في أنحاء متفرقة من جسم الطفل، ونزيف داخلي في الأعضاء الداخلية بالبطن، وكذلك كدمات في الرئتين، مشيراً إلى أن هذه الإصابات قد تكون سبباً في الوفاة أوإصابة الطفل بالعجز الذي يفقده القدرة على المشي، فضلاً عن تشوّه في أطرافه. ونوّه بالإصابات التي تؤدي إلى وفاة الأطفال عند تعرضهم لدهس المركبات قائلاً نزيف الدماغ الحاد والأعضاء الداخلية بالبطن الداخلي من الإصابات المودية بحياة الأطفال ممن هم دون الـ13 عاماً، في حال لم يتم إسعافهم بشكل سريع، موضحاً أن الطفل في هذه المرحلة من العمر تكون الجمجمة لديه غير مكتملة النمو كما في البالغين، وتالياً تكون معرضة بشكل أكبر للكسر والإصابة بنزيف في الدماغ، فضلاً عن أن عضلات البطن لديهم تكون ضعيفة، ما يجعل الأعضاء الداخلية كالكبد والطحال والأمعاء عرضة للتهتك والنزيف. في حين قال مدير فرع الإعلام والتوعية المرورية بالإنابة في القيادة العامة لشرطة الشارقة، الرائد خالد الكي، إن السلامة المرورية بمفهومها الواسع تهدف إلى تبنّي الخطط والبرامج واللوائح المرورية والإجراءات الوقائية للحد من وقوع الحوادث المرورية، ضماناً لسلامة الإنسان وممتلكاته، وحفاظاً على أمن الوطن ومقوماته البشرية والاقتصادية، ومن هذا المنطلق علينا الحرص بشدة على الانتباه أثناء قيادة المركبات، وكذلك أثناء استخدام الطريق سيراً على الأقدام أو بأي وسيلة أخرى. وأشار إلى أن حوادث دهس الأطفال من قبل ذويهم بالخطأ في المواقف المنزلية قليلة لكنها متكررة، والسبب الرئيس لوقوعها هو عدم انتباه مستخدمي المركبات لوجود الأطفال بالقرب من المركبة أثناء خروجها من فناء المنزل، لذا ينبغي تشغيل الكاميرا الداخلية للمركبة أثناء رجوع المركبة للخلف، لرؤية تفاصيل الساحة الخارجية التي تسير فيها المركبة. وأضاف أنه ينبغي أن يكون مكان الكراج المخصص لمواقف المركبات خارج فناء المنزل، مشيراً إلى أهمية قيام ذوي الأطفال بتوجيههم بضرورة تجنب اللعب بجانب المركبات. وأوضح أن الأطفال لن يتمكنوا من رؤية المركبة التي تسير باتجاههم عند وجودهم خلفها، بسبب قِصر قاماتهم، كما أن كثيرين لا يستوعبون حقيقة أن رجوع المركبة للخلف قد يودي بحياته عند انشغالهم باللعب، وتقع مسؤولية توعيتهم على الجميع سواء في المنزل أو في المدارس والمجتمع كله. وأكد أن على ذوي الأطفال وقبل التوجه لقيادة المركبة التأكد من وجود أطفالهم في أماكن آمنة في المنزل، مع ضمان عدم خروجهم المفاجئ، فضلاً عن تخصيص إحدى الغرف للعب الأطفال بعيداً عن فناء المنزل، كما ينبغي غرس مفهوم الابتعاد عن المركبات أثناء تحركها في نفوس الأطفال، وإقناعهم بعدم الاقتراب من المركبات إلا مع من هم أكبر منهم سنّاً. من جانبه، قال المحامي سعود أحمد الزرعوني، إن تسبب الأهل في وفاة أحد أطفالهم في حوادث الدهس غير المقصود فعل مُجرّم قانوناً، إذ وضع المشرع الإماراتي المواد القانونية التي تشتمل على نوع العقوبة ومقدارها التي تطبق على مرتكبي هذا الفعل. وتابع أن دهس أحد أفراد الأسرة بطريق الخطأ لأحد أطفالها لم يخصص له نص قانوني مستقل، وإنما يندرج تحت المواد القانونية التي تضمنها قانون العقوبات الاتحادي، التي تجرّم أي فعل من شأنه المساس بحياة الإنسان وسلامة بدنه. وأشار إلى أن العقوبة تكون بالحبس وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب بخطئه في موت شخص، منوهاً بأن تقدير مدة الحبس ومقدار الغرامة تحددهما المحكمة. وحول اختلاف شدة عقوبة الأهل بحسب درجة القرابة في مثل هذه الحوادث قال الزرعوني إنه لا تختلف العقوبة باختلاف درجة القرابة، وإنما تطبق العقوبة ذاتها على أي شخص يرتكب الفعل ذاته، كما أن عمْر الطفل الذي تعرض للدهس لا يحدد حجم ونوع العقوبة التي يتم إنزالها على الجاني، فالعقوبات محددة قانوناً، وتقدير حجمها ومقدارها هو أمر يخضع لسلطة المحكمة التقديرية. من جانبه قال أخصائي الطب النفسي الدكتور محمد طالب إن فقدان الأب والأم لأحد أبنائهما في حياتهما يعتبر من أشد التجارب وقعاً على نفسيهما، وتزداد حدة الألم في حال كان أحد الوالدين هو المتسبب دون قصد منه، كما في حوادث الدهس بالخطأ، مشيراً إلى أن مثل هذه الحوادث ينتج عن التعجل وعدم الانتباه أثناء قيادة المركبة، أو الانشغال بوسائل الاتصال الحديثة. وأوضح أن المتسبب في حادث دهس الأطفال بالخطأ الذي ينتج عنه الوفاة يعاني ضغطاً نفسياً يؤدي إلى اضطراب قد تعقبه الاكتئاب المؤقت، يتحول إلى اكتئاب عميق، إذ يصل عند البعض إلى انعزال تام، معتبراً أن حالة الاكتئاب هذه هي نوع من معاقبة النفس على ما حدث. وأشار طالب إلى أنه في حال تسبب أحد أفراد الأسرة ممن هم فوق عمر 50 عاماً، فإنه معرّض وبنسبة كبيرة لصدمة نفسية حادة ينتج عنها تأثير في قدرات عقله، مثل النسيان وعدم التركيز إلى جانب عدم تذكر الواقعة،، لافتاً إلى أن الآثار السلبية النفسية قد تلازم الأب أو الأم أو أحد أفراد الأسرة ممن تسببوا في وفاة الطفل مدى الحياة.