إذا كنت على شارع الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، وتجاوزت حدود إمارتي الشارقة وعجمان باتجاه أم القيوين، وجذبك موقع عند مخرج على يمينك يعج سكوناً وجمالاً وقِدماً، تعتليه قلاع صغيرة؛ فاعلم أنك على وشك الولوج إلى مدينة هادئة، قوامها النظافة والجمال.. سماؤها تشبه أرضها نقاءً وصفاءً، وكل ما فيها يزداد هيبة ويتضاعف جذباً بالخضرة والماء والبساطة والهواء.. مهلاً؛ أنت حتماً في مدينة الحمرية التابعة لإمارة الشارقة. المجالس مفتوحة إن تعمدت زيارتها أو قادتك إليها مركبتك فضولاً، فأنت في الحالتين لا تملك سوى أن تكمل المسير دون أن تتردد في منح نفسك مزيداً من الساعات في رحاب الحمرية مترامية الجمال، حتى لا تحرم عينيك متعة النظر إلى بهاء المكان. لمجرد دخولك الحمرية لن تغفل عيناك عن فلل جميلة عصرية تتناثر على يمين الزائر، ولا يكاد يخلو بيت منها من باب يفتح على مجلس رحب؛ وتلك إشارة إلى أن الضيف هنا على الرحب والسعة، وإن لم يكن هناك ضيف قادم، فالمجالس مفتوحة أمام الأهل والجيران باعتبارها عادة أصيلة لا يمكن التخلي عنها. جوز الهند وإن تركت المكان واتجهت عبر الجسر الممتد إلى الجانب الآخر، فستتراءى لك من بعيد كشافات إنارة عملاقة تدرك بها أنك مقبل نحو نادي الحمرية الرياضي، وفي الطريق تلمح مؤسسات حكومية، وتلفت نظرك أشجار نخيل باسقات تبدو قبل أن تقترب أكثر وكأنها أشجار جوز الهند بفعل هزال تمكن منها بحكم سنين طويلة مرت عليها؛ لكنها لا تزال صامدة.. أزيلت بيوت الساكنين وهجرها سكانها لكنها بقيت شاهدة على حياة كانت عامرة بكل جميل، ولا يزال البحر متمسكاً بجماله الطبيعي، والشواطئ الممتدة على طوله تستقبل عشرات السيارات وأكثر منها الزائرين الذين اختاروا بحر الحمرية ملاذاً لهم، دون أن يحجبهم الحر عن أن يعيشوا ساعات مرح وفرح بين البحر والشمس وسط الخضرة الممتدة والهواء العليل. بيوت وأشجار على شاطئ بحر الحمرية الذي لا يبتعد عن المدينة كثيراً ولا يشبه غيره من الشواطئ، لا يحتاج المرء إلى سيارة دفع رباعي، فكل المركبات كفيلة بأن توصله إليه، وإن كان من سكان المنطقة فلا أجمل من المشي مــن البيــت حتــى البحــر لينعــم بساعــات من المتعــة في أحضــان طبيعــة تلامس الوجــدان. وعلى الشاطئ يمكن للزائر أن يشاهد عدداً من البيوت القديمة التي لا تزال على حالها، بأشجارها العتيقة مثل اللوز والرولة والأمبوة وغيرها، وكأنها تحكي تفاصيل زمن جميل حين كانت شاهدة على قصص وحكايات حياة عاشها الأولون، تبدو مليئة بمواقف وأحداث تتجدد في ذاكرة من يزور المكان، تتشابه هنا وفي أي بقعة من بقاع وطننا الجميل. وعلى الشاطئ ذاته تتناغم زرقة البحر مع أشعة الشمس الساطعة، ثم لا تلبث أن تتبدد مع اقتراب غروبها، لتضفي على المكان بعداً آخر من الجمال لا تخطئه عين تبصر. الطبيعة البكر ربما يرى زائر في شاطئ حمرية الشارقة متنفساً جميلاً ينعم بالكثير من مقومات المتعة، ولكن تنقصه بعض الخدمات الأساسية! لكن آخرين ينظرون إلى جماله من زاوية طبيعته البكر، وكون كل شيء في المكان طبيعياً كما كان، لم ينل منه التطور، ولم تخدشه يد الحداثة.. هذا سر روعة المكان؛ من وجهة نظر كثيرين.