أدى رفع مرتبات العمالة المنزلية من الفلبين من 800 ريال الى 1500 ريال والذي التزمت به السوق المحلي مؤخراً الى نشوء "أزمة أخرى" بعد أن قفزت مرتبات عمالة النظافة والصيانة بنسبة 70% من 1125 ريالا الى 1900 ريال في تحرك مفاجئ واجهه عدد من مكاتب وشركات الاستقدام المحلية. وتوقع عاملون في سوق الاستقدام المحلي انخفاض طلبات الاستقدام من الفلبين بنسبة 50% نتيجة لهذا الاجراء والبحث عن دول بديله، في وقت تشكل فيه مهن الصيانة والنظافة نسبة 70% من مجموع المهن العاملة في السعودية. ورفضت سفارة الفلبين في الرياض خلال الاسبوع الماضي وبحسب عاملين في السوق اصدار طلبات عمل لعمالتها إلا بالإقرار ان الراتب 1609+300 ريال طعام بحيث يكون الراتب 1900 ريال. وابدى عدد من رجال الاعمال تذمرهم الشديد من ذلك الاجراء وهو ما سوف يوقعهم بخسائر كبيرة بعد ارتباطهم بعقود على اساس ان الراتب 1125ريالا. وقال أحد أبرز المستثمرين في قطاع الاستقدام رفض الكشف عن هويته: "تفاجأنا بهذا الراتب وان السكوت على هذا الاستغلال والتمادي فيه ضرر كبير بمصالح الوطن، مطالباً بإعادة النظر في الاستقدام من الفلبين امام هذا الارتفاع المفاجئى وغير المبرر". وأضاف: "إذا كانت الفلبين ستستغل الحاجة بهذه الظروف فيجب ايقاف الاستقدام منها لكافة العمالة الرجالية، فالفلبين هي التي تحتاج لنا اكثر من حاجتنا لهم.. والدخل الثاني من تحويلات العمالة للفلبين هو من عمالتهم بالسعودية". وشدد على ضرورة تدخل وزارة العمل بقوة وبشكل حازم قبل ان تتوالى الزيادات ويتضرر الوطن والمواطن. وبين ان السفارة رفضت التصديق على طلب العمل ما لم يكن المرتب ب1900 ريال وهو ما اعتبره ان قرار الزيادة نافذ ولا يخضع لمشاورات. ودعا وزارة العمل السعودية الى ضرورة تضمين الاتفاقيات الموقعة بينها وبين الدول المرسلة للعمالة فقرة تنص على انه لا يتم اقرار أي تنظيمات جديدة او زيادة بالأسعار والرواتب إلا بعد اقرارها من الجانبين والإعلان عنها قبل سريانها حتى يكون رجل الاعمال والمواطن على بصيرة ولا يتعرضون الى خسائر جراء هذه القرارات. وفشلت محاولات "الرياض" أمس في التوصل الى المتحدث الاعلامي الرسمي لوزارة العمل وكذلك وكيل وزارة العمل للشؤون الدولية الذي اعتذر كونه خارج البلاد، على الرغم من الاتصالات المتكررة على مدى ثلاثة ايام متواصلة. الى ذلك اشار السفير الفلبيني لدى المملكة عز الدين تاغو في تصريح ل"الرياض" الى ان رفع المرتبات للعمالة الرجالية المتخصصة في النظافة والصيانه لم يقر بشكل "رسمي" غير انه أكد ان هناك مطالب للعمالة الفلبينيه في الفلبين وتم ابلاغ شركات ومكاتب الاستقدام بهذه المطالب، وقال ان هذه المطالب جاءت بعد ان اصبحت أجور العمالة المنزلية 1500 ريال مع الطعام والإقامة المجانية. ولفت السفير الى ان هذه المطالب سوف يتم مناقشتها بين السفارة وملحق العمل ووزارة العمل في الفلبين والسعودية. وحول رفض او قبول السفارة طلبات شركات ومكاتب الاستقدام بالأسعار الحالية، اوضح السفير تاغو ان السفارة لا ترفض تلك الطلبات ولكن شركات الاستقدام في الفلبين قد لا تجد عمالة فلبينية رجالية تقبل بالأجور الحالية. ووصف ارتفاع اجور عمالة بلاده بأنه امر عادي في ظل تصاعد الاسعار في البلدين، وقال ان العمالة الفلبينية مازالت تطلب العمل في السعودية في جميع المجالات، ونقدر للسوق السعودية استقبالهم لهم، ونتطلع للتطور بعد عملية التصحيح الاخيرة. وكشف السفير الفلبيني ان عدد عمالة بلادة العاملة في السعودية تبلغ نحو 700 الف فلبيني، لافتاً الى ان 50 الف عامل صححوا اوضاعهم و نحو 104 آلاف عامل صححوا المهنة في الاقامة والتصريح بالعمل، مثمناً لحكومة خادم الحرمين لهذه الفرصة الذهبية في عملية التصحيح. من ناحية اخرى، قال الكاتب والمستشار في إدارة الموارد البشرية بندر الضبعان ل"الرياض" ان مباحثات وزارة العمل مع بعض الدول الأسيوية للاتفاق على الشروط التي تنظم عمل عمالة المنازل والمؤسسات، هي مباحثات عرض وطلب يعتريها الشد والجذب، وفي بعض الأحيان تصاب بالجمود، فتتوقف لفترة من الزمن. وطالب الضبعان وزارة العمل بتعزيز قدرتها "التفاوضية"، وذلك من خلال تغيير خريطة سوق العمل السعودي، مشيرا بقوله: "أبرز تغيير يتم هو إلغاء نقل الخدمات (الكفالة)، خاصة مع تدشين نظام "أجير" الذي يضبط عملية إعارة العمالة بين الشركات، فإلغاء نقل الخدمات سيجعل العامل الأجنبي يدرك أنه لن يكون بمقدوره أن يسرح ويمرح كيفما يشاء في سوقنا، ويدرك كذلك أنه مرتبط بصاحب عمل واحد أبرم معه العقد الأصلي، وقدم إلى المملكة بموجب تأشيرته، يبدأ معه، وينتهي معه بالخروج النهائي لافساح المجال لعامل سعودي يبحث عن العمل، وإن تعذر فيكون عامل أجنبي أكثر مهارة من ذلك العامل المغادر. واضاف: "يمكن لوزارة العمل أن تعزز من قدرتها التفاوضية إذا وضع نظام ضريبي يستقطع نسبة من دخل العامل الأجنبي، على أن يتم إعفاء الدول التي تتساهل مع المملكة في شروطها، وإخضاع عمال الدول التي تتشدد في شروطها معنا. واختتم الضبعان تصريحه بقوله ان المملكة لها اليد العليا، لذلك إذا حاولت دولة أن تجمد مفاوضات استقدام العمالة من جانبها، فهناك دول تتسابق إلينا وترغب في تحسين مستوى دخلها بإرسال عمالتها إلى المملكة، فالكثير من الدول الآسيوية لم يكن بمقدورها أن تحقق تنمية لولا استقبال المملكة ودول الخليج عموما لعمالتها الماهرة وغير الماهرة".