تخطى مؤتمر الحوار الوطني اليمني الشامل.. فترته الزمنية الطويلة، المحددة من قبل رئاسته عند انطلاقه.. بستة أشهر - من 30 مارس إلى 30 سبتمبر -.. ليمتد إلى شهره السابع فـ (الثامن) - نوفمبر الحالي - دون أن يلوح لجلسته الختامية نهاية.. ودون أن تظهر مخرجاته أو تعلن نتائجه النهائية، التي ينتظرها اليمنيون جميعاً بقلوب وعقول يملؤها اليقين.. في (مخرجات) ترسخ وحدة كيان دولتهم الجديدة.. دولة العدل والمساواة والحكم الرشيد، بعد أن اجتمع لإنجازها خيرة العقول اليمنية من الشيوخ والرجال والشباب والشابات والثائرين والثائرات.. في هذا المؤتمر الوطني اليمني الشامل الذي لم يستبعد أحداً ولم يستثن أحداً، إلا أن (المؤتمر) الذي تغلب على عقباته المفتعلة من قبل (الحوثيين) و(حراك الجنوب).. بشجاعة ووطنية وإقدام رئيسه (الرئيس عبد ربه منصور هادي).. حتى يمضي وتمضي أعمال لجانه التسع رخاءً وصولاً إلى نتائج (الحوار) ومخرجاته، التي ستشكل بنية (الدستور) اليمني الجديد.. الذي ستجرى على أساسه الانتخابات البرلمانية فـ (الرئاسية) في الثالث والعشرين من شهر فبراير القادم، وفق أزمنة المبادرة الخليجية... تعثر في آخر شهوره المقدرة - سبتمبر.. الماضي - وفي لجنته الثالثة والأهم (لجنة ماهية الدولة): أهي جمهورية فيدرالية.. كـ (ألمانيا) الاتحادية من عشر مقاطعات؟ أم هي جمهورية فيدرالية.. كـ (تركيا) من سبع مقاطعات؟ أما بقية لجان المؤتمر الأخرى كلجان (استقلالية السلطات) و(الحقوق والحريات) و(الجيش والأمن) و(العدالة الانتقالية) و(التنمية المستدامة) و(صعدة).. فقد أنجزت مهامها، ورفعت مخرجاتها إلى (أمانة المؤتمر).. ولم يبق إلا لجنة (ماهية الدولة) ليلعب فيها أعضاء (الحراك) الجنوبيين لعبتهم الأخيرة.. ومَن توهموا من قياداته المقيمة بين العاصمة النمساوية (فيينا) والبريطانية (لندن).. بأنهم قادرون على إيقاف عجلة (المؤتمر) عن بلوغ نهايتها بـ (الريموت كونترول) متى ما أرادوا، أو متى ما جاءت لحظة نسف (المؤتمر) إذا تم الوصول إلى مرحلتها في أجندة (المبادرة) المزمنة.. ولم تأت نتائجه وفق أجندة شروطهم الانفصالية الانعزالية، والتي كانت تتغير وتتبدل كبندول الساعة طوال الوقت: من أن يكون (الحوار) حواراً بين (دولتين) وعلى أرض محايدة وبإشراف دولي..!؟ إلى أن يكون حواراً يعترف بداية بـ (حق تقرير المصير) للجنوبيين..!! إلى أن يكون حواراً لا يقبل بـ (وحدة اندماجية) ولا بـ (الانفصال)..!! إلى حوار ينتهي إلى القبول بـ (وحدة فيدرالية) بين إقليمين: (شمالي) و(جنوبي)..!! وهو ما انتهى إليه فساد الرأي والنوايا الذي عبر عنه أخيراً الأعضاء الثمانية الجنوبيون في لجنة (الستة عشر) المصغرة، الي تم تشكيلها مناصفة - بين الشمال والجنوب - لما سمي بلجنة (الحلول والضمانات) المنبثقة عن لجنة (قضية الجنوب) الأساسية والمكونة من أربعين عضواً.. وهو ما عطل فعلياً إمكانية الوصول إلى مخرجات نهائية لـ (اللجنتين) معاً: لجنة (القضية الجنوبية) ولجنة (ماهية الدولة).. ليقف مؤتمر الحوار الشامل ونتائجه في هذه القضية المفصلية من قضايا الحوار أمام خيارين في (بناء الدولة): خيار وحدة فيدرالية بين خمس مقاطعات - أو أقاليم - ثلاثة شمالية واثنتان جنوبيتان.. وهو ما ينسجم مع التاريخ اليمني وجغرافيته ومنطقته وكثافة سكانه، وخيار وحدة فيدرالية.. بين مقاطعتين أو (إقليمين): شمالي وجنوبي، وهو ما يعيد إنتاج الوحدة اليمنية السابقة بكل بذور انفصالها مجدداً سواء بعد عام أو خمسة أعوام أو أقل أو أكثر..!! وهو منطق لا تقبل به الحكمة اليمنية ولا منطق العقلاء الراشدين.. ولكن يقبل به دعاته من حملة (الريموت كونترول) والأموال المفسدة الضالة..؟