بيروت: «الشرق الأوسط» تلقى الرئيس اللبناني ميشال سليمان، أمس، سيلا من برقيات التهنئة بمناسبة الذكرى الـ70 لاستقلال لبنان، جاء أبرزها من الرئيسين الأميركي باراك أوباما والإيراني حسن روحاني ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، الذين أكدوا دعم لبنان واستقراره. وفي حين طالب قياديون في فريق «14 آذار» باعتماد مواقف سليمان الأخيرة كـ«خارطة طريق» للخروج من الوضع الراهن، قال حزب الله على لسان أحد قيادييه إن «إخراج المسلحين السوريين خطوة لإنقاذ لبنان، قبل المطالبة بانسحاب حزب الله من سوريا». وفي سياق أبرز البرقيات المهنئة باستقلال لبنان، أكّد الرئيس الإيراني أن «بلاده لن تألو جهدا في تطوير العلاقات مع لبنان، في إطار تحقيق مصالح الشعبين»، وتوجه إلى سليمان بالقول: «واثق من أن لبنان سيكون بلدا مستقرا وآمنا ومتناميا، بفضل حكمتكم وسائر المسؤولين وكافة التيارات السياسية اللبنانية». واعتبر الرئيس الأميركي أن «الشعب اللبناني تمكّن، على الرغم من تنوعه، من جعل بلده مزدهرا»، مكررا ما سبق أن أبلغه لسليمان في نيويورك «لجهة التزام واشنطن سيادة وامن واستقلال لبنان». وأبدى أوباما سعادته «لمساهمة الولايات المتحدة في مجموعة الدعم الدولية للبنان، التي عكست التزام المجموعة الدولية دعم لبنان وشعبه»، مؤكدا «الاستمرار في حض المجتمع الدولي على تأمين ما يلزم للبنان للتعامل مع مسألة النازحين من سوريا، الذين استضافهم على أراضيه بلفتة كريمة منه». من جهة أخرى، شدد أوباما في برقيته على «مساهمة الولايات المتحدة في دعم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، من أجل وضع حد لعدم محاسبة المذنبين في الاغتيالات السياسية التي تمر على لبنان»، مجددا التأكيد على «التعاون القائم بين الجيشين الأميركي واللبناني». من ناحيته، أشاد رئيس الوزراء البريطاني «بما حققه لبنان خلال العقود السبعة الأخيرة، على الرغم من البيئة التي تعيش فيها منطقة الشرق الأوسط والصراعات التي شهدتها ولا تزال، والاحتلال وعدم الاستقرار». وأشار إلى «معرفته بوجود عقبات عدة لا تزال تعترض لبنان، ليس آخرها استضافة عدد من ضحايا الأزمة التي تعيشها سوريا»، متعهدا بدوره بدعم سليمان «لمواجهة هذه التحديات ولبناء لبنان مزدهر ومستقر يمكنه العيش بسلام مع جيرانه». ولبنانيا، رد نائب رئيس المجلس التنفيذي في «حزب الله» الشيخ نبيل قاووق بطريقة غير مباشرة على مواقف سليمان في رسالة الاستقلال الأخيرة، التي اعتبر فيها أنه «لا يمكن أن تقوم دولة الاستقلال، إذا ما قررت أطراف أو جماعات لبنانيّة بعينها الاستقلال عن منطق الدولة، أو إذا ما ارتضت الخروج عن التوافق الوطني، باتخاذ قرارات تسمح بتخطّي الحدود والانخراط في نزاع مسلح على أرض دولة شقيقة، وتعريض الوحدة الوطنية والسلم الأهلي للخطر». وتوقف قاووق، في كلمة له في احتفال تأبيني بجنوب لبنان، عند ما قاله سليمان في رسالة الاستقلال لناحية إشارته إلى أن «إعلان بعبدا جاء ردا على تحويل البقاع والشمال ممرا للمسلحين من سوريا»، وهو ما اعتبره لا يزال قائما، مطالبا الفريق الآخر «بالعمل على موقف وطني ضروري وإلزامي لإخراج المسلحين السوريين من لبنان، وهو ما يشكل خطوة مشجعة في اتجاه إنقاذ لبنان قبل أن يطالبوا بانسحاب حزب الله من سوريا». ودعا فريق 14 آذار إلى «وعي خطورة المرحلة والمخاطر التي يمثلها الإرهاب التكفيري الإسرائيلي»، متسائلا: «أين إعلان بعبدا (يقضي بتحييد لبنان عن أزمة سوريا) يا من ترفعون شعاره، بعدما تحول لبنان إلى مقر للمسلحين السوريين؟!». وكان سليمان شدد في رسالته مساء الجمعة، على أنه «لا يجدر الحديث عن الاستقلال إذا ما عجزت الدولة عن نشر سلطتها الحصرية على كامل تراب الوطن، وضبط البؤر الأمنية، وقمع المخالفات ومحاربة التكفير والإرهاب، وإذا لم تكن القوات المسلحة هي الممسكة الوحيدة بالسلاح والناظمة للقدرات الدفاعية بإشراف السلطة السياسية». من ناحيته، اعتبر رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع أن «كلمة سليمان هي بمنزلة كلمة استقلال، وكلمة رجل دولة يتحمل مسؤولية وطنية لا تحتمل التأويل، فأعرب عن الهواجس، ووضع الإصبع في الجرح، مشيرا إلى مواطن الخلل وأسبابه، ومغلبا منطق الدولة على كل منطق آخر؛ إن بالنسبة لسيادتها الكاملة وحصرية السلاح بالمؤسسات الشرعية مع التأكيد على حل مسألة السلاح في إطار الاستراتيجية الدفاعية، أو لجهة التأكيد على النأي بالنفس وضرورة وقف أي تورط ومشاركة في الحرب السورية بما يناقض سيادة الدولة والإجماع اللبناني، فضلا عن التحذير من الإطاحة بالاستحقاقات الدستورية والديمقراطية الرئاسية والنيابية والحكومية». ودعا جعجع إلى «اعتماد كلمة سليمان في مفاصلها الأساسية كخارطة طريق لمعالجة الواقع الراهن، لا سيما في ضوء إعلان بعبدا؛ إذ لا خلاص إلا بتشكيل حكومة فاعلة لا تخضع للتعطيل، وتفعيل عمل المجلس النيابي، والانسحاب من الحرب السورية، وصولا إلى إنجاز الانتخابات الرئاسية في موعدها ومن دون تعطيل هذا الاستحقاق بخلفيات سياسية وفئوية لا علاقة لها بالدستور نصا وروحا».