عقد مجلس الأمن الدولي أمس الأربعاء، جلسة حول الوضع في ليبيا استمع فيها إلى إحاطة من ممثل الأمين العام ورئيس البعثة الأممية في ليبيا برناندينو ليون عبر دائرة تلفزيونية من باريس. وأعرب ليون عن ثقته في أن عملية الحوار السياسي التي أطلقتها البعثة منذ سبعة شهور، تقترب من مراحلها الأخيرة على الرغم من محاولات عرقلتها مناشداً قادة مجلس النواب والمؤتمر الوطني العام عدم تبديد الفرصة التاريخية والفريدة المتاحة الآن ليكونوا صناع السلام. ودعا ليون الجانبين إلى عدم تبديد العمل الشاق الذي استثمرا فيه خلال الأشهر السبعة الماضية للوصول إلى ما هما عليه اليوم، إن الاتفاق الذي تفاوضا عليه قد لا يكون مثالياً ولكنه عادل ومعقول، والفائز الوحيد فيه هو الشعب الليبي. وشدد ليون على أن عملية الحوار هي الآلية الوحيدة الشرعية وذات المصداقية التي يمكن لليبيين من خلالها الحفاظ على استمرار العملية الديمقراطية. وحذر ليون من نفاد الوقت، وقال إن القادة الليبيين من كل الأطراف يتحملون مسؤولية الدفع والتحرك باتجاه السلام. وأكد أن الأمم المتحدة مع المجتمع الدولي ستظل ثابتة في التزامها ودعمها للعملية السياسية في ليبيا. ويتعين عدم التسامح مع أية محاولة لعرقلة العملية الديمقراطية عبر سبل غير ديمقراطية، واستمع المجلس من ليون حول الأوضاع الأمنية والاقتصادية المتدهورة وانتهاكات حقوق الإنسان، إضافة إلى توسع تنظيم داعش بعد سيطرته على مدينة سرت. وحذر ليون قائلاً: إن الرسالة للقادة الليبيين واضحة وتتمثل في عدم وجود بديل آخر عن العمل المتحد والمشترك ليتمكن الليبيون من النجاح في منع تكرار التقدم الكارثي الذي حققته داعش في دول مثل سوريا والعراق. وبحثت بعثة الأمم المتحدة إلى ليبيا مع ممثلين عن دول أوروبية وعربية ومنظمات ووكالات دولية سبل دعم حكومة الوحدة الوطنية التي تعمل البعثة على تشكيلها عبر رعايتها لحوار بين طرفي النزاع على السلطة المستمر منذ عام. وقالت البعثة في بيان أمس الأربعاء عقدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا اجتماعاً مع الدول الأعضاء والمنظمات الإقليمية والمنظمات غير الحكومية ووكالات وصناديق وبرامج الأمم المتحدة المختصة بالشأن الليبي في تونس الثلاثاء، وتناول الاجتماع بحسب البيان تقديم الدعم لحكومة الوفاق الوطني الليبية المستقبلية و مناقشة مبادئ المساعدة الدولية إلى ليبيا والاتفاق عليها، بحيث يكون سبيلاً للمضي قدماً وآلية للتنسيق في حال طلبت حكومة الوفاق الوطني المساعدة الدولية. وحضر الاجتماع أكثر من 15 دولة ومنظمات إقليمية (بما في ذلك الاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية)، والعديد من المنظمات الدولية غير الحكومية، وممثلين عن جميع كيانات الأمم المتحدة المختصة بالشأن الليبي فضلاً عن البنك الدولي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا. وجرت في القاهرة أمس، مباحثات بين مصر والولايات المتحدة تم الاتفاق فيها على ضرورة استمرار التشاور بينهما، لتعزيز التوافق، حول دعم جهود الحوار ودعم حكومة الوفاق الوطني المزمعة في ليبيا، من أجل الإسهام في تحقيق الأمن والاستقرار هناك، وحفظ دماء الليبيين وتجفيف منابع الإرهاب، الذي يهدد المنطقة، حيث التقى أسامة المجدوب مساعد وزير الخارجية المصري لشؤون دول الجوار جوناثان وينر المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا، بحضور ستيفان بيكروفت السفير الأمريكي بالقاهرة، وتمت مناقشة تطورات الأوضاع في ليبيا، وسبل إنجاح الحوار الأممي الجاري وعدم السماح بعرقلته، وكيفية التصدي لمخاطر تنامي الإرهاب في ليبيا، وخاصة تنظيم داعش الإرهابي. وجددت إيطاليا، استعدادها للقيام بدور المرافقة والدعم للاتفاق المأمول لتشكيل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا وتعزيزه من الناحية الأمنية. وقال وزير الخارجية الإيطالي، باولو جينتيلوني، في تصريحات أمس الأربعاء، إنه في حال وجود اتفاق بين الفرقاء الليبيين فإن إيطاليا، وليست الدولة الوحيدة، تؤكد استعدادها للقيام بدور المرافقة والدعم لحكومة الوفاق الوطني، وتعزيرها من الناحية الأمنية أيضاً، مشدداً على أن العملية السياسية في ليبيا سوف تمضي قدماً على أي حال. وأشار في تصريحاته التي تأتي قبل يوم واحد من استئناف المفاوضات بين الأطراف الليبية في الصخيرات المغربية، إلى أن أمر إيجاد اتفاق حول حكومتهم متروك لليبيين وحدهم، لافتاً إلى أن بلاده تعمل في الوقت الراهن على الحديث مع جميع الأطراف المعنية. وذكر الوزير أن المبعوث الأممي إلى ليبيا، برناردينو ليون، سوف يقدم اقتراحاً نهائياً في الأيام المقبلة مكملاً بملاحق لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، معرباً عن أمله في أن تشارك جميع الأطراف الليبية في حوار اليوم الخميس بالصخيرات. وكان جينتيلوني قد قال في تصريحات سابقة نشرت أمس إن وجود تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا، مازال محدوداً ليكون ذريعة للتدخل العسكري في ليبيا. لكنه حذر من أنه في حال فشل الفرقاء الليبيين في الاتفاق السياسي الكامل، فإن المشهد سيكون مختلفاً تماماً. وقال في هذه الحالة من الممكن أن تمتد تحركات التحالف الدولي ضد داعش إلى ليبيا، في إشارة إلى فرضية تنفيذ غارات جوية للتحالف على مواقع التنظيم، كما هو الحال في سوريا والعراق وجدد وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس دعم بلاده للجهود التي يبذلها ليون من أجل الإسراع بتشكيل حكومة وحدة وطنية في ليبيا. وذكرت الخارجية الفرنسية في بيان أن ذلك جاء خلال مباحثات أجراها فابيوس مع المبعوث الأممي حول آخر تطورات الوضع في ليبيا. وقال البيان إن فابيوس وليون أعربا خلال اللقاء عن بالغ القلق إزاء استمرار تدهور الوضع الأمني في ليبيا مؤكدين أن التوصل إلى حل سياسي أمر ملح وضروري. في أثناء ذلك قدم صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس المؤتمر الوطني العام ورئيس فريق الحوار السياسي الممثل للمؤتمر استقالته أمس الأربعاء من عضوية ورئاسة فريق الحوار. وقد قبل رئيس المؤتمر الوطني العام نوري أبو سهمين طلب الاستقالة الذي تقدم به المخزوم. يشار إلى أن المخزوم يرأس فريق الحوار المفوض من المؤتمر الوطني العام لتمثيله في الحوار السياسي الليبي الذي ترعاه بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا.