مهما كانت نوايانا سليمة.. مهما كانت غاياتنا محمودة.. مهما كنا ننشد الإصلاح.. هذا كله لا يبرر لنا أن نجلب الهم والغم على الناس كل شروق شمس.. "من قال هلك الناس فهو أهلكهم". نعم، من حق الإنسان أن يقلق على بلده هذه الأيام.. من حقه أن يخاف على أوضاع بلاده الاقتصادية والسياسية والأمنية وغيرها.. ومن حقه أن يسأل، ومن حقه أن يستفسر، ومن حقه أن يبحث عما يزيل شكوكه، ويُطمئن قلبه.. الكل يخاف على مستقبل وطنه، على مستقبله ومستقبل أطفاله.. هذا أمر فطري. غير المقبول هو تصوير البلد على أنه في طريقه للإفلاس! هذه أراجيف.. أباطيل.. حتى وإن كانت النية طيبة فهي لا تكفي.. من التوقعات المزعجة خلال هذه الأيام ما يثار أن البلد سيدخل في مأزق اقتصادي خطير، سيضطره لعدم الوفاء برواتب الموظفين.. وأن مشاريع البناء ستصبح ماضيا، وأن عجلة التنمية ستتوقف.. أنا لا أمرر مخاوفي المرّة داخل كبسولات حلوة الطعم .. لكن أمر كهذا وإن كان وارد الحدوث في دول ذات اقتصادات هشة، إلا أنه في حكم المستبعد لدى دولة ضمن مجموعة العشرين وتعتبر هي مضخة العالم النفطية! نعم نحن قلقون، ولدينا ما يبرر القلق، خائفون ولدينا ما يبرر الخوف، لكن لم يصل بنا الأمر إلى أن نروج لمخاوفنا في مواقع التواصل ليقرأها الناس فيدب الهلع في نفوسهم. ظهر أمس كشفت "ساما" عن توقعاتها بنمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3% هذا العام.. وانعكس الأمر بصورة تلقائية على سوق المال.. وعلى نفسيات المتعاملين .. وهذا ما نريده.. أعني أن تقدم مؤسسات الدولة المالية الرسمية ما يُطمئن الناس، ويبدد مخاوفها على اقتصاد بلدها.. ومن جانب آخر يطمئن رأس المال -الجبان- ولا يفر من البلد.. لا نريد منكم أن تخدروا الناس وتزوروا لهم الواقع، ولا نريد أن نصيبهم بالهلع والمخاوف على مستقبلهم ومستقبل أولادهم! تعاملوا مع هذه الأزمات بواقعية، وتذكروا أن الاقتصاد لغة واحدة، رقم مكشوف للجميع.. ترصده و تراقبه جميع المؤسسات العالمية، ولا تصلح معه الجمل الإنشائية!