كثفت الإدارة الروسية في الأسابيع الماضية من جهودها الدبلوماسية لحل الأزمة السورية، مما دفع مراقبون إلى التأكيد أن الزيارة الحالية للعاهل الأردني والرئيس المصري وولي عهد أبوظبي إلى موسكو ستتناول حتما هذا الملف من باب التوصل إلى "صيغة توافقية" تنهي النزاع المسلح المستمر من مارس 2011. ورغم أن الملك الأردني عبدالله الثاني، والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، الشيخ محمد زايد آل نهيان، يزورون موسكو لحضور معرض للصناعة العسكرية الروسية، إلا أن الأزمة السورية لن تغيب عن المباحثات مع الرئيس الروسي، فلاديمير بوتن. وفي هذا السياق، قال مدير مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الأردنية، موسى شتيوي، إن اللقاء المرتقب في موسكو يعد فرصة ممتازة لتتحاور ثلاث دول رئيسية في المنطقة مع موسكو، التي فعلت من حراكها الدبلوماسي بشأن سوريا، حيث عقدت سلسلة مباحثات مع السعودية وغيرها من الأطراف الفاعلة. واعتبر شتيوي، في مداخلة مع سكاي نيوز عربية، أن دور مصر مهم في التوصل إلى اتفاق يرضي الجميع من خلال هذا الحراك الروسي، التي تسعى بدورها إلى إقناع إيران وشركائها في سوريا بصيغة مقبولة تمهد للحل السياسي القائم على مرحلة انتقالية لا يلعب فيها الرئيس السوري دورا مستقبليا. وشدد على أن النقطة الخلافية بين موسكو والسعودية، التي أكدت على استحالة الحل العسكري، تبقى دور الأسد في المرحلة الانتقالية، إلا أن المباحثات المكثفة مع الرياض ودول عربية أخرى من شأنها تذليل هذه العقبات، لاسيما أن الإدارة الروسية مصرة على الوصول إلى أرضية مشتركة قبل الذهاب إلى جنيف 3. بدوره، قال مدير مكتب صحيفة الحياة في موسكو، رائد جبر، إن الإدارة الروسية التي تسعى من رواء تكثيف الجهود الدبلوماسية إلى استعادة زخم علاقاتها في منطقة الشرق الأوسط على الصعيد السياسي والعسكري والاقتصادي، الأمر الذي قد يساهم في حل الأزمة السورية التي أوقعت أكثر من 250 ألف قتيل. وأكد جبر على وجود تقارب بين السعودية والأردن ومصر والإمارات من جهة، وروسيا من جهة أخرى إزاء الحل السياسي للأزمة السورية، وخاصة على مستوى الحفاظ على المؤسسات الحكومية، من بينها الجيش، والحرب على الإرهاب، في إشارة إلى تنظيم الدولة وغيرها من الجماعات المتشددة. إلا أن الخلاف على مصير الأسد ودوره في المرحلة الانتقالية لا تبدو إشكاليات هامة، لاسيما أن روسيا تسعى من خلال اللقاءات المكثفة مع دول المنطقة الفاعلة والقريبة من الرياض، عل غرار مصر والأردن، للتوصل إلى أرضية مشتركة يمكن البناء عليها لتذليل العقبات مع الرياض قبل الذهاب إلى مؤتمر جنيف 3. وكانت موسكو، التي لم تستخدم، ولأول مرة منذ اندلاع الأزمة السورية، الفيتو في مطلع أغسطس الجاري للتحقيق بهجمات كيمياوية بسوريا، قد عقدت سلسلة لقاءات مع المعارضة السورية ودول المنطقة، كان آخرها لقاءين منفصلين بين وزير الخارجية الروسي ونظيريه السعودي والإيراني.