منذ ١٩ عاما لم أحصل في «عكاظ» على أي إجازة من كتابة هذه الزاوية، كنت ألتزم بكتابتها من أي موقع وفي أي وقت، وفي إحدى سفراتي كنت في رحلة بحرية طويلة وكان الناس عند التوقف في مرافئ المدن والجزر ينزلون للتنزه والاستكشاف بينما كنت أنزل لأبحث عن اتصال بالإنترنت لإرسال مقالاتي! هذا العام حصلت على إجازة شهر كامل ظننت أنه سيخلق فارقا في تخفيف العبء النفسي الذي يتحمله كاتب الشأن العام عندما يعيش تحت وطأة مشكلاته الشخصية بالإضافة إلى مشكلات مجتمعه، فيبقى أسير السلبيات التي ترصدها عينه الناقدة، ومعاناة التعايش مع المشكلات الشخصية لقرائه التي يشاركونه بها من خلال رسائلهم واتصالاتهم، في الحقيقة الإجازة لم تخلق فرقا، فالكاتب يصبح مسكونا بمتابعة أخبار وطنه وقضايا مجتمعه، وإذا كانت الكتابة متنفسا للتعبير عن الرأي وتخفيف الاحتقان النفسي، فإن عدم الكتابة تفقد الكاتب هذه الوسيلة وهذا المتنفس! الشيء الوحيد الذي تخلصت منه هو إلحاح الزملاء الأعزاء في إدارة التحرير لتسليم المقال في موعده، أو اتصالات صديقي الرقيب لتعديل تلك الفقرة أو حذف تلك الكلمة أو طلب مقال بديل، لكن حتى هذه الاتصالات افتقدت إليها، فهي ما يشعرني بقيمة قلمي وقدرته على المقاومة! بصراحة لا أعلم إن كان أحد قد افتقد هذه الزاوية، فطبيعة البشر النسيان، لكن إن كانت من فائدة لهذه الإجازة فهي إراحتكم من إطلالتي اليومية، فهي في الحقيقة إجازة لكم قبل أن تكون إجازة لي!