في ظل الوضع الاقتصادي العالمي، الحالي، علينا أن نشد الحزام على البطن، لكن نحن في الخليج لا نلبس البنطلون لكي نشد حزامه، لكننا نلبس الثوب والغترة والعقال، لذا علينا أن نفك العصابة عن رؤوسنا ونعترف بأن زمن الرخاء والتدفقات المالية الكبيرة ليس شرطاً أن يعود. وإذا عدنا إلى قراءة متأنية في السبعينات ومنتصف الثمانينات وقت الطفرة الأولى من عائدات النفط نجد أن تلك العائدات مكنت دول الخليج من وضع أكبر مشاريع للبنى التأسيسية الهامة، وعلى سبيل المثال مكنت المملكة من وضع أهم شبكة فاخرة للطرق في الشرق الأوسط، وأفضل المطارات والجامعات في المنطقة. الآن تغير الحال على الأقل لميزانية العام المقبل، ميزانية يتوقع لها العجز لظرف السوق العالمي، واضحة مؤشراتها، لكن هذا ليس كل شيء حتما وليس نهائيا، فطالما عاشت دول المنطقة «الطفرة»، وعاشت الـ «لا طفرة» وتعايشت مع كلا الظرفين. لكن من المهم جدا مراجعة الطفرة التي تلت ذلك، حيث ركزت دول كثيرة على استكمال البنى التحتية وتنويع مصادر الدخل، وخلق كيانات اقتصادية كبيرة وجذابة للاقتصاديات المحلية، لكن بعض دول المنطقة ونحن إحداها تعثرت مشاريعها كثيرا لأسباب عديدة كانت الأوراق والاتهامات مخلوطة ما بين طريقة الترسية وصرف مستحقات المناقصة وما بين المقاول رغم وفرة المال. الأسبوع الماضي كنت في عاصمة خليجية لليلة واحدة بدعوة من صديق إعلامي، كانت آخر زياراتي لها منذ عام فقط، في السيارة حين شاهدت أنفاقها شهقت لجمال التنفيذ، كذلك الكباري، قلت لصديقي القيادي الإعلامي البارز: لماذا لديهم سرعة الإنجاز والإتقان رغم قلة الموارد مقارنة بنا؟ رد علي إنها «الدبرة وليست الموارد». ها نحن الآن ندخل في انخفاض الموارد بفعل السوق العالمي، فهل ستكون لدينا دبرة ننسى من خلالها تعثر المشاريع رغم الإنفاق الحكومي الهائل في الأعوام الماضية، وتكون جزءا من تاريخ منتهٍ، أتمنى ذلك، ففي الأزمات تخلق الفرص والدبرة معا.