صفوان جولاق-كييف شهدت العاصمة الأوكرانية كييف حدثا هو الأول من نوعه في أوكرانيا، حيث أقيم مهرجان لثقافات وعادات شعوب بلاد المشرق العربي والإسلامي، وكذلك لعدد من الشعوب المسلمة في باقي أنحاء العالم، وعلى رأسها شعب تتار إقليم شبه جزيرة القرم. إيسف فيست هو اسم المهرجان الذي أقيم أمس الأحد في ساحة وأروقة المركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة، حيث استعرض المشاركون ألوانا مختلفة من ثقافات وعادات وفولكلور وحتى طبيعة الحياة في البلاد العربية والمسلمة. واستعرض المهرجان مختلف أنواع الثياب والحلي، وألوانا عديدة من أصناف الطعام والحلوى، إضافة إلى نماذج للأسواق الشعبية في دول المشرق، حيث تباع العطور وأعشاب وزيوت التداوي وغيرها من البضائع والأشغال الفنية اليدوية. جرب حياتي وقالت المنظمة الرئيسية للمهرجان سابينا أفضل للجزيرة نت المهرجان موجه لغير المسلمين لتعريفهم بجمال الثقافة ومختلف العادات في بلاد المشرق. انطباع الكثيرين عن تلك البقعة من العالم خاطئ، ومن خلال هذا المهرجان نريد إبراز الواقع. وأضافت سابينا أن الإقبال أكبر مما توقعنا، واللافت أن نصف المشاركين هم من الأوكرانيين الذين تعرفوا على المشرق فأحبوه، بعضهم طلاب في جامعات الاستشراق، والكثير منهم غير مسلمين ولا ينحدرون أصلا من أصول عربية أو إسلامية. وإلى جانب الاستعراض، ركّز المهرجان على إبراز جوانب عدة من طبيعة الحياة في دول المشرق، وبطريقة جمعت بين التشويق والطرافة، مكنت الحاضرين من تجربتها وتكوين انطباعات بشأنها. ففي جناح لبس غطاء الرأس ورسم الحناء، اصطفت الكثيرات لخوض التجربة، وكذلك جرّب الرجال كرسي الحلاقة وشرب القهوة العربية والشاي المعد على الفحم. وقالت كاتيا -وهي شابة حضرت المهرجان وجربت غطاء الرأس- لطالما اعتبرت الحجاب انتقاصا لحقوق وحرية المرأة، ولكني رأيت اليوم أن معظم المشاركين والمنظمين هم من المسلمات النشيطات اللواتي يفخرن بالحجاب ويتفنن بارتدائه. عندما لبسته شعرت بالراحة النفسية، وأعتقد أنه يليق بي جدا. أما الشاب فاديم فقال للجزيرة نت زرت كثيرا من دول العالمين العربي والإسلامي، وعندها تعرفت على حقيقتها ومشاكلها. أحب المطبخ الشرقي، ومهرجان اليوم كان فرصة للبس العقال وتناول الكسكس المغربي والفلافل الشرقية. قضايا المشرق وإلى الجانب الثقافي، لم تغب بعض القضايا السياسية والدينية عن المهرجان، حتى وإن كانت بصورة لوحات فنية ومنشورات ومصنوعات حرفية. وعرّف المهرجان الضيوف على جوانب من قضية فلسطين والمسجد الأقصى، وخصّص لذلك جزءا من محاضرات قدمت للضيوف داخل مسجد المركز. ولأن جرح ضم روسيا لشبه جزيرة القرم لم يلتئم بعدُ، تضمن المهرجان لوحات زيتية لفنانين من تتار القرم الذين رفضوا روسية القرم فاضطروا لاحقا للنزوح. وشاركت الفنانة التترية ميلا تشيسيلدين بلوحتين من رسمها، وبحفنات تراب من مختلف أراضي القرم، وكذلك بصفحات من مصحف قديم شهد المآسي التي تعرض لها التتار خلال القرون والعقود الماضية. وقالت تشيسيلدين أوراق هذا المصحف وهذا التراب يشهدان على تمسكنا بأرضنا التي لم تكن تابعة لروسيا إلا بالاحتلال، سواء قبل الاتحاد السوفياتي أو في يومنا هذا. كما اعتبرت أن المهرجان فرصة ليتعرف الأوكرانيون على ثقافات بعضهم بعضا، فأوكرانيا دولة متعددة الثقافات، وهذا جانب إيجابي يجب أن يوجه ليزيّن مجتمعنا، وليزيد من وحدتنا وقوتنا أمام التحديات التي تواجهنا، سواء في القرم أو في شرق البلاد.