مر على الاتحاد الأوروبي ما يزيد على نصف قرن حتى وصل الى مستواه الحالي ورغم ذلك لازال هناك عقبات تعترض طريقه بسبب التوسع في العضوية وتفاوت مستويات الدخل والمعيشة في الدول الأعضاء. انفتاح الدول على بعضها ،سهولة الحركة عبر الحدود وإزاحة العوائق التجارية والمحاولات الجادة لتذويب الفوارق في مستوى المعيشة والرهان على تعايش الأجزاء المنتمية لديانة واحدة ولغات متقاربة كانت من العوامل الرئيسية التي أوصلت الاتحاد الاوروبي إلى وضعه الحالي ،ولكن الاقتصاد يبقى هو العامل الأهم في العصر الحديث. الموارد الطبيعية والإنتاجية يركز عليها الألمان والإنجليز بشكل أقوى من غيرهم ، ولذلك نرى السيدة ميركل التي أتت من خلفية اشتراكية بصفتها ابنة الشطر الشرقي من ألمانيا تمارس واقعية سياسية قوية في كل شئ . التقارب مع فرنسا يعطي دعماً لتوجه ألمانيا في إدارة الاتحاد الأوروبي والمشهد يدل على أن بقاء اليونان أو خروجها من الاتحاد لن يتم الا بشروط تضمن تقوية الاتحاد وليس إضعافه. والرسالة المستفادة من الأزمة الحالية أن كل من يريد أن يكون على المائدة عليه أن يكسب ثمن الوجبة والأولوية للإنتاجية العالية. سلة الأمان الاجتماعي ترتبط متانتها وقدرتها على الدخل القومي في كل بلدان العالم وأوروبا بكل خدماتها الصحية وضمانها الاجتماعي ووسائل المواصلات والتعليم مبنية على ذلك الاساس لأن دافعي الضرائب هم الذين ينتخبون الساسة ويراقبون أداءهم وينحونهم من مناصبهم متى ثبت عدم قدرتهم على أداء المهمة . مراقبة التوازن بين الدخل القومي والدين العام من أهم واجبات وزارات المالية وعندما يقترب الدين العام من تخطي الدخل يضرب جرس الإنذار. ديون اليونان كما تفيد المعلومات وصلت الى نسبة 170% من الدخل القومي. صندوق النقد الدولي مراقب عالمي لاقتصاد الدول ولحركة النقد ومعدلات الديون ويقدم استشارات وقروضاً مشروطة ولكن آلياته تميل لصالح الدول الغنية أكثر منها للدول الفقيرة . الدول المشاركة في تجمع أكبر وأهم عشرين اقتصاداً في العالم تهدف لتهذيب التعاملات وترويض الإنفاق ليتلاءم مع الدخل القومي ولكن بعض المناطق من العالم كما قال برفسور الاقتصاد الشهير John Kenneth Galbraith «1986» موبوءة بالتخلف والفقر والأزمات والكوارث.. وبرغم عراقة اليونان فإنها تعد من الحلقات الأضعف في التركيبة الاوروبية فإما أن يحملها الاتحاد الاوربي كما هي وإلا يتركها تعوم في محيط التقلبات لوحدها وفي ذلك دروس قاسية لدول أخرى في أوروبا وخارجها. والسؤال هل أزمة اليونان بداية تفكك الاتحاد الاوروبي أم أنها أزمة عابرة ستكون عبرة لبقية الاعضاء وتعزز العمل المؤسساتي في أوروبا؟ دول مجلس التعاون معنية بمراقبة الحل للمعضلة اليونانية وما يحصل في اوروبا بصفة عامة بسبب القروض والاستثمارات وتقلبات الدخل القومي المرتبط باسعار البترول بنسبة عالية جداً. Salfarha2@gmail.com