مفارقة صادمة ومؤلمة تلقتها عائلة الحارثي السعودية، ففي الوقت الذي أعلنت قيادة التحالف العربي، الذي تتزعمه السعودية استشهاد النقيب طيار ناصر الحارثي في سقوط مروحية أباتشي في قطاع جازان الخميس الماضي، أعلن تنظيم «داعش» في اليوم نفسه مقتل شقيق زاهر الحارثي المكنى بـ«أبي بكر الجزراوي» في العراق بتفجير انتحاري نفذه بسيارة مفخخة استهدفت معملاً للمتفجرات بمدينة سامراء (شمال بغداد). وفي سياق ذي صلة، حكمت المحكمة الجزائية المتخصصة أمس بحبس زعيم «كتائب عبدالله بن عزام» التابعة لتنظيم «القاعدة» بعدما دانته بارتكاب جرائم إرهابية. وفي حين تناقلت وسائل الإعلام أمس نبأ مقتل طبيب سعودي في صفوف «داعش» في العراق، علمت «الحياة» أنه الانتحاري زاهر الحارثي، الذي كان يعمل فنياً في أحد القطاعات التابعة لوزارة الصحة، وليس طبيباً كما أُشيع. وهو شقيق الطيار السعودي الشهيد ناصر الحارثي الذي استشهد الخميس الماضي برفقة زميلة الرائد علي القرني، في حادثة سقوط مروحية تابعة للقوات البرية الملكية السعودية في قطاع جازان. وحمل نبأ استشهاد النقيب ناصر، ومقتل شقيقه زاهر في اليوم نفسه مفارقات عدة، وفضلاً على كونهما شقيقين فارقا الحياة في يوم واحد، فإن أحدهما استشهد دفاعاً عن الوطن، فيما قُتل الآخر مع تنظيم «داعش» الإرهابي. وأوضح المكتب الإعلامي لما يسمى «ولاية صلاح الدين» التابع لتنظيم «داعش» (الخميس) أن السعودي زاهر الحارثي، انطلق بسيارة مفخخة مستهدفاً تجمعاً للجيش العراقي في شارع وطبان، قرب سامراء وفجر نفسه داخلها. وبحسب أنصار التنظيم، فإن الحارثي عُرض عليه تسلم أحد المشافي التابعة للتنظيم في الموصل وإدارته بالكامل، إلا أنه اختار تسجيل اسمه في قوائم الانتحاريين. وكان التحق بتنظيم «داعش» قبل عامين. وقال أنصار التنظيم إن زوجة الحارثي التي على عصمته في العراق حبلى في شهرها التاسع، وأنه رفض تأخير دوره في تنفيذ العملية الانتحارية إلى حين وضعها، فيما قال أخوه دخيل لـ«الحياة» إن أخاه الشهيد ناصر هو الآخر ترك بنتاً وحيدة، وزوجة حاملاً في شهرها الأخير. وبدأ الانتحاري زاهر حياته برفقة إخوته الـ11 في محافظة بيشة (جنوب السعودية) وحصل على شهادة دبلوم تمريض، وعمل سكرتيراً طبياً في مستشفى «الوجه» العام في منطقة تبوك (شمال السعودية). وأوضح دخيل الحارثي (شقيق ناصر وزاهر) لـ«الحياة» أمس أن شقيقه زاهر حصل على دبلوم في التمريض، وتم تعيينه في محافظة الوجه في منطقة تبوك (شمال المملكة) وتزوج ابنة عمه، وانقطع عنهم مدة عام، قبل أن يطلقها، ويختفي من السعودية مدة عامين كاملين بعد ذلك. إلى ذلك، قضت المحكمة الجزائية المتخصصة بمقرها الصيفي في محافظة جدة أمس بالسجن ٢٠ عاماً غيابياً على سعودي تولى زعامة كتائب عبدالله عزام المرتبطة بتنظيم «القاعدة». إضافة إلى تغريمه 3000 آلاف ريال، ومنعه من السفر مدة مماثلة لسجنه. وجاء حكم المحكمة الجزائية بعد ثبوت تورط زعيم «كتائب عبدالله عزام» السابق والمصاب بعاهة مستديمة، بالانضمام إلى تنظيم «القاعدة»، ومشاركته في تشكيل وتزعّم «كتائب عبدالله عزام» وتواصله مع التنظيمات الإرهابية في اليمن ولبنان، وتصنيعه المتفجرات، والتحريض على عدد من الأعمال الإرهابية داخل المملكة والخليج، إضافة إلى قيامه بتزوير أوراق رسمية والحصول على جواز سفر مزور بغير اسمه الحقيقي. وكان المحكوم تعرض لعاهة مستديمة جراء انفجار قنبلة تسببت في فقدانه عينه ويده اليمنى وقدميه إبان تزعمه لكتائب عبدالله عزام في أفغانستان، وتخلت «كتائب عبدالله عزام» التي كان يتزعمها عن مساعدته وعلاجه بسبب شدة الإصابة التي تعرض لها، قبل أن تستعيده السعودية بطائرة إخلاء طبي بعد طلبٍ من ذويه.