تصاعدت مؤخرا نبرة نقدية للإسلام يطلقها بعض الشباب في وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، وقودها أسئلة تتلبس البراءة والسذاجة وداخلها من قبله الخبث والدهاء، وبعضهم يطلق اتهامات باطلة ضد قضايا إسلامية كان مسلما بها ونامت بين أحضاننا كمسلمات وجاء ضحلو الثقافة والعلم هؤلاء ليثيروها وكأنها فتح عظيم ضد الإسلام، كقضايا العبودية والسبي والفتوحات الإسلامية، بل وبعض الحدود كالجلد والتعزير، ورفعوا راية كما أن لا كهنوت في الإسلام فلا مسلمات كذلك. المأساة عندما تناقشهم تجدهم ينقلون مقولات غربية مجتزأة لبعض المستشرقين أو لأعداء الإسلام، وعندما تبذل الجهد لإعادة المجتزأ إلى الأصل، أو تبين أن أي عدو لدين أو مذهب أو رأي إنما يبحث عن سلبيات يحاول إلصاقها بما هو ضده ابتداء، وأن فهم الشيء ينبع من تصوره ومعرفته، تجدهم يرفضون ويتلحفون بإجابات جاهزة معلبة، وفي النهاية تكتشف أن محور قضيتهم رفض الغيب والغيبيات. ربما هي ردة فعل للتشدد والغلو في الدين لبعض علماء الدين، فالضغط يولد انفجارا، وربما هو تشدد وغلو مضاد من قبل هؤلاء، وإلا فهو الجهل بكنه الفكر الإسلامي وسماحة شريعته فراحوا يرددون ما يقوله أعداؤه. السؤال الناشب أين علماء ديننا الأفاضل من قضية كهذه، مازال معظمهم يستخدم مفردات ومفاهيم ومحفوظات قديمة لمخاطبة الشباب في قضايا عصرية، مازال معظمهم يهمل فقه الواقع، مازال معظمهم غارق في باب سد الذرائع ويرفض النظر في باب المقاصد، مازال معظم الدعاة وخطباء المساجد يتناولون قضايا عامة لا تهم الشباب، وخطبة الجمعة من أهم وسائل التوعية. أذكر في مرحلة الثانوي كانوا يدرسوننا الفرق الإسلامية، وأذكر أننا طالبنا بالتعرف على الأفكار الحديثة كالشيوعية والاشتراكية والرأسمالية، حتى منهج الثقافة الإسلامية للمبتعثين لم يتضمن أي إشارة للقضايا والمفاهيم المعاصرة، فذهبنا للخارج لا نعرف عن فكره شيئا، ولولا لطف الله سبحانه لعدنا جميعا مغتربين. نسبة شبابنا إلى السكان مرتفعة، وأزعم أننا أهملنا الشباب كثيرا، تركناهم مهبا للدعاة المتشددين في مدارس حصرت مناشطهم بالمجال الديني، وحرمت معظمهم من وجود الملعب أو مسرح الخطابة أو أندية علمية ترعى الموهوبين منهم، أو تركناهم للرئاسة العامة لرعاية الشباب التي لم تفعل أكثر من جعلهم مصفقين ومشجعين للفرق الكروية. شبابنا يحتاج وسائل ترفيه تستنفد طاقتهم، مدارسهم وجامعاتهم بحاجة لبرامج لاصفية تنمي مواهبهم العلمية دينيا كانت أو دنيوية، وهذه التفرقة بين العلمين الديني والدنيوي أودت ببنيتنا التعليمية، فنحن مطالبون بإعمار الأرض كفريضة، ولا يمكن إعمارها بدون علوم عصرها.