أعلنت المديرة التنفيذية لـ«برنامج الأغذية العالمي» التابع لـ«الأمم المتحدة»، إرثارين كازين، أن البرنامج يعتزم بدء عملية طوارئ في اليمن في أيلول (سبتمبر) المقبل لمدة ستة أشهر، وتوقّعت أن تبلغ كلفتها نحو 320 مليون دولار. وزارت كازين خلال وجودها في اليمن، صنعاء وعمران وعدن، والتقت بعض الأسر النازحة التي لجأت الى المدارس، وبعض الأمهات والأطفال الذين يعانون من سوء تغذية ويتلقّون الرعاية في المراكز الصحية والمستشفيات، وكذلك مجموعة من الأسر في أماكن توزيع المساعدات الغذائية. كما عقدت اجتماعات مع مسؤولين من طرفي الصراع، وموظّفي برنامج الأغذية العالمي، ووكالات الأمم المتحدة المتخصّصة وبعض المنظّمات غير الحكومية الشريكة. وطالبت في بيان، المجتمع الدولي بـ «تفهّم مدى إلحاح الأزمة اليمنية». كما ناشدت على وجه التحديد، «الذين وعدوا بتقديم التبرّعات الوفاء بتعهداتهم على وجه السرعة». وأعربت عن «امتنان البرنامج للمانحين الذين ساهموا مالياً أو تعهدوا تقديم الدعم للاستجابة للأزمة في اليمن، ومنهم السعودية وألمانيا والولايات المتحدة، ووزارة التنمية الدولية البريطانية، والإمارات». وحذّرت كازين من أن صعوبة الوصول الفوري ومن دون عوائق إلى الناس الذين يحتاجون في شكل عاجل إلى مساعدات غذائية، إضافة إلى نقص التمويل، قد يؤدّيان إلى حدوث مجاعة تطاول الملايين، معظمهم من النساء والأطفال الذين يعانون من الجوع فعلاً، وذلك «بعدما شاهدت بنفسها التحديات التي تواجه ملايين الأشخاص المتضرّرين من الأزمة المستمرّة». وأشارت تقديرات برنامج الأغذية إلى أن عدد الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي في اليمن يبلغ حالياً نحو 13 مليون شخص، بينهم 6 ملايين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، وهم في حاجة ماسّة إلى مساعدات خارجية. وقالت المديرة التنفيذية للبرنامج: «أدّى تزامن نقص المواد الغذائية الأساس، وصعوبة الحصول على المياه النظيفة، وتقلّص إمدادات الوقود بسبب الصراع، إلى خلق عاصفة من المشكلات للسكان اليمنيين الأكثر ضعفاً». وأضافت: «يؤدّي الاضطراب في قطاع الأغذية إلى تراجع كبير في الواردات، ما يسبّب تضخّماً في أسعار الأغذية والسلع الأساس الأخرى. ونتيجةً لذلك، بدأنا نرى تأثيراً مزدوجاً للصراع، فالناس الذين كانوا سابقاً يستطيعون تلبية حاجاتهم الغذائية أصبحوا اليوم غير قادرين على شراء الطعام». ويعاني أكثر من 1.2 مليون طفل من سوء التغذية المعتدل، وأكثر من نصف مليون من سوء التغذية الحاد، كما يعدّ نحو 1.3 مليون نازح داخلياً في البلد الأشدّ معاناة من انعدام الأمن الغذائي. وتابعت: «قد تصبح الأضرار التي لحقت بالجيل اليمني المقبل غير قابلة للعلاج، إذا لم نصل الى الأطفال بسرعة بالغذاء المناسب في الوقت المناسب. وعلينا أن نتحرّك الآن قبل فوات الأوان». وجاء في البيان: «سيؤدّي القتال الذي دار أخيراً حول الموانئ الرئيسة، إلى تعطيل الإمدادات التجارية والإنسانية إلى البلد وفي شكل أساس الغذاء والوقود، ولا يؤثّر نقص الوقود في نظام توزيع الغذاء فقط لدى هيئات الإغاثة الإنسانية والقطاع الخاص، ولكن سيكون له أثر مدمّر في إمكان الحصول على المياه النقية والخدمات الصحية والكهرباء والخدمات الأساس الأخرى». ووصل «برنامج الأغذية العالمي» فعلاً إلى 3.5 مليون شخص، وقدّم لهم الغذاء منذ بدء الصراع، لكن القتال يجعل إيصال المساعدات أمراً صعباً ومحفوفاً بالأخطار. ولا تزال شبكات الطرق في الكثير من المناطق الأشد تضرّراً في البلد معطّلة، ما يجعل عمّال الإغاثة غير قادرين على الوصول إلى السكان في مناطق الصراع. ويعتبر نقص مياه الشفة أيضاً في الوقت الراهن مشكلة حرجة، إذ تضاعف سعر المياه في صنعاء ثلاث مرّات منذ بدء النزاع، نتيجة تعطّل أنظمة الضخّ بسبب عدم توافر مادة الديزل. وكشف تقويم لحالة الضعف أجراه برنامج الأغذية العالمي أخيراً، عبر الهاتف، مع بعض الأسر في المناطق التي يتعذّر على الموظّفين الوصول إليها، أن تدهور الأمن الغذائي يؤثّر خصوصاً في الأسر النازحة داخلياً، التي يعيش الكثير منها على الخبز والرز والشاي. وشملت المشكلات الأكثر شيوعاً بين الأشخاص الذين قابلهم البرنامج خلال إعداد التقويم، «ارتفاع أسعار المواد الغذائية، ونقصها، وعدم وجود المياه، وتدهور الأوضاع» عموماً. وأظهر التقويم أن «تدهور وضع الأمن الغذائي الشديد هو السائد حالياً في المحافظات المتضرّرة من النزاع،» مشيراً الى أن «المرحلة الحالية تبعد من المجاعة خطوة واحدة».