واجهت إيران والدول الست المعنية بملفها النووي، صعوبات امس، في تذليل نقاط شائكة في المفاوضات الهادفة إلى التوصل لاتفاق موقت لتقليص برنامج طهران النووي في مقابل تخفيف العقوبات المفروضة على الجمهورية الاسلامية. وأبدى ديبلوماسيون غربيون مطلعون على المحادثات تشاؤماً لجهة احتمال تحقيق انفراجة وشيكة في المحادثات التي بدأت الاربعاء وتستمر ثلاثة أيام، بعدما اقتربت الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا من الحصول على تنازلات من إيران في جولة المفاوضات السابقة قبل أسبوعين. وقالوا إنه تم احراز قدر من التقدم خلال أول يومين وقل عدد الأمور المختلف عليها. لكن إصرار إيران على أن تعترف الدول الست صراحة بحقها في تخصيب اليورانيوم، كان من الصعب التعامل معه، ذلك ان اليورانيوم المخصب يمكن استخدامه في البرامج النووية المدنية والعسكرية على حد سواء. وقال مسؤولون في الدول الست أنهم ربما يكونون اقتربوا من اتفاق موقت على خطوات بناء الثقة لإنهاء المواجهة المستمرة منذ عشر سنوات وإبعاد شبح حرب أوسع نطاقاً في منطقة الشرق الأوسط، بسبب طموحات إيران النووية. ويتعلق الأمر برفع موقت لبعض العقوبات عن ايران لمنحها القدرة على الوصول للسيولة التي تحتاجها بشدة وربما بيع المزيد من النفط. وقال ديبلوماسيون غربيون إنه ما زالت هناك فرصة لانضمام وزير الخارجية الاميركي جون كيري لوزراء خارجية الدول الخمس الأخرى في جنيف في محاولة أخرى للتوصل الى اتفاق. لكن ديبلوماسياً أوروبياً بارزاً قال لصحافيين إن الوزراء لن يأتوا إلا إذا كان هناك اتفاق للتوقيع عليه. وتابع: «احرزنا تقدماً بما في ذلك في القضايا الجوهرية، هناك أربعة أو خمسة أشياء ما زالت مطروحة على الطاولة» تنتظر الحل. وقال وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف بعد لقاء استمر ساعة ونصف الساعة مع وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي كاثرين آشتون: «ما زال علينا العمل حول نقاط خلاف». وآشتون هي التي تنسق المحادثات نيابة عن الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا. وصرح عضو الوفد الايراني المفاوض مجيد تخت روانشي بأن «وجهات النظر تقاربت» في هذا الاجتماع «الايجابي مع انه قصير»، بينما تحدث الرجل الثاني في الوفد عباس عراقجي عن «تقدم ضئيل» على رغم «الارادة الجدية» للطرفين. وقال ظريف ان «برنامج ايران لتخصيب اليورانيوم سيبقى جزءاً اساسياً في كل مفاوضات او حل». وحض نائب وزير الخارجية الإيراني والمفاوض النووي البارز عباس عراقجي، الدول الست على التحلي بالمرونة. ونقلت وكالة انباء الجمهورية الإسلامية الإيرانية عنه قوله: «نعمل حالياً على نص، أغلب بنوده يوجد تفاهم مشترك عليها وهذا يشير إلى إحراز تقدم». وأضاف: «لكن هناك بعض الخلافات التي لم نحلها بعد». وتابع: «إذا أبدى الجانب الآخر مرونة يمكننا التوصل إلى اتفاق. وإذا لم تبد (القوى الست) مرونة تجاه طلباتها المبالغ فيها لن تحرز المفاوضات تقدماً». وقال مسؤول غربي بارز إنها «لن تكون مأساة» إذا رفعت جولة المحادثات الثالثة في جنيف من دون التوصل الى اتفاق وعقدت مرة أخرى بعد بضعة اسابيع. في غضون ذلك، واصلت إسرائيل حملتها لانتقاد عرض تخفيف العقوبات المفروضة على إيران غير مبدية تفاؤلاً يذكر في ما يتعلق بأن تؤدي إلى انهاء ما تسميه إسرائيل والغرب خطر انشاء ترسانة نووية إيرانية في نهاية المطاف. وقال زئيف الكين نائب وزير الخارجية الإسرائيلي للاذاعة الإسرائيلية: «نعتقد انه ليس اتفاقاً مفيداً بل وربما يكون مضراً. نحن بالتأكيد مهتمون بتحسينه قدر الامكان. لكن حتى الذين يؤيديون الاتفاق يقولون إن الهدف الوحيد منه هو كسب الوقت». وبدا انه يشير إلى فرنسا التي اتخذت موقفاً أكثر تشدداً من القوى الغربية الاخرى وحضت مراراً القوى على عدم تقديم تنازلات كثيرة لإيران. ومن الأمور التي تجري مناقشتها، مسألة تعليق ايران لبعض الأنشطة النووية الحساسـة وقبل كل شيء تخصيب اليورانيوم الى المستوى المتوسط في مقابل تخفيف عقوبات بسيطة مثل الافراج عن بعض الأرصدة المالية المجمدة في حسابات أجنبية والسـماح بالاتـجار في المعادن النفيسة. وقد تخفف الولايات المتحدة كذلك الضغط على دول أخرى تطالبها بعدم شراء النفط الايراني واجراءات أخرى. وأوضحت ايران انها أكثر اهتماماً باستئناف مبيعات النفط وتخفيف العقوبات الدولية المفروضة على التعاملات المصرفية والمالية الإيرانية التي عطلت الاقتصاد المعتمد على النفط. أما بالنسبة الى القوى الست فإن الاتفاق الموقت قد يعني أن توقف إيران تخصيب اليورانيوم بدرجة نقاء 20 في المئة وهي خطوة قريبة نسبياً من درجة النقاء المستخدمة في انتاج سلاح نووي، وقبول المزيد من اجراءات التفتيش المنهكة ووقف مفاعل اراك.